عودة الملاريا بقوة في زيمبابوي بعد توقف التمويل الأمريكي

شهدت زيمبابوي انتكاسة صحية خطيرة في جهود مكافحة الملاريا، بعد أن عاد المرض للانتشار بقوة خلال عام 2025، في أعقاب قرار الولايات المتحدة الأمريكية وقف تمويل عدد من البرامج الصحية الحيوية. ويأتي هذا التراجع بعد سنوات من التقدم في خفض الإصابات والوفيات، ما يهدد أهداف البلاد في القضاء على المرض بحلول عام 2030، ويكشف هشاشة الأنظمة الصحية المعتمدة على الدعم الخارجي.

أظهرت بيانات وزارة الصحة الزيمبابوية تسجيل 115 تفشيًا للملاريا خلال العام الجاري، مقارنة بتفشٍ واحد فقط في العام الماضي. كما ارتفعت الإصابات بنسبة 180% خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025، فيما قفز عدد الوفيات بنسبة 218%، من 45 وفاة في الفترة نفسها من 2024 إلى 143 وفاة. وبحلول 26 يونيو، بلغ إجمالي الإصابات 119,648 حالة، والوفيات 334.

جاء هذا التدهور بعد ستة أشهر من إعلان إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقف تمويل برامج صحية في زيمبابوي، شملت مبادرات لمكافحة الملاريا والسل وفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). وأدى القرار إلى تعطيل برنامج "زنتو" للمراقبة الحشرية التابع لجامعة إفريقيا، والذي كان يمد البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا ببيانات دقيقة وأبحاث ميدانية أسهمت في خفض معدل الإصابات في مناطق مثل مانيكالاند.

وقد تراجع عدد الإصابات في مانيكالاند من 145,775 حالة في عام 2020 إلى 8,035 في عام 2024، بفضل هذا البرنامج، قبل أن يعاود الارتفاع إلى 27,212 حالة في عام 2025 بعد وقف التمويل.

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة أنها تعمل على توزيع أكثر من 1.6 مليون ناموسية معالجة بالمبيدات، لكنها تواجه عجزًا يقدر بـ 600,000 ناموسية نتيجة انسحاب التمويل الأمريكي، ما وضع مئات الآلاف من السكان في مواجهة مباشرة مع البعوض الناقل للمرض.

وأكد إيتاي روسيكي، مدير مجموعة العمل المجتمعي للصحة، أن الأزمة التمويلية تُهدد الإنجازات الصحية التي تحققت خلال العقدين الماضيين، داعيًا إلى تطوير حلول تمويل محلية ومستدامة. كما أشار وزير الصحة السابق، هنري مادزوريرا، إلى وجود ضرائب مخصصة للقطاع الصحي يجب توظيفها بشكل فعّال في برامج التوعية والوقاية، محذرًا من الاعتماد المفرط على المانحين الدوليين.

وقال البروفيسور سونجانو مهاراكوروا، مدير معهد الملاريا بجامعة إفريقيا، إن استعادة التقدم السابق سيستغرق وقتًا، لكنه أعرب عن ثقته في أن العودة للمسار الصحيح ممكنة بمجرد إعادة توفير الموارد المالية والدعم اللوجستي.

خاتمة:

تكشف أزمة الملاريا في زيمبابوي عن التحديات الكبيرة التي تواجهها الدول النامية عندما تعتمد بشكل مفرط على التمويل الخارجي في مجالات حيوية كالصحة العامة. وبينما يواصل المرض حصد الأرواح، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل، تبدو الحاجة ماسة لإعادة هيكلة نظم التمويل الصحي، وتعزيز قدرات الدولة على التصدي للأوبئة من خلال استثمارات محلية وشراكات مستدامة. ويبقى القضاء على الملاريا بحلول عام 2030 هدفًا ممكنًا، لكنه مشروط بوجود إرادة سياسية واستراتيجية تمويل واضحة تضمن عدم تكرار مثل هذه الانتكاسات.