هل وجع العضلات دليل على نموها؟.. دراسة تكشف الحقيقة الكاملة


على مدى سنوات طويلة، ارتبط في ذهن الرياضيين وهواة كمال الأجسام اعتقاد شائع: "كلما شعرت بآلام بعد التمرين، كلما زادت عضلاتك". لكن يبدو أن العلم له رأي آخر! فقد كشفت دراسة جديدة نُشرت في International Journal of Sport and Health Science أن آلام العضلات بعد التمرين، أو ما يُعرف بـ DOMS (Delayed Onset Muscle Soreness)، لا تُعتبر مؤشرًا حقيقيًا على نمو الكتلة العضلية كما يظن الكثيرون.
من أين يأتي ألم العضلات؟
الباحثون أوضحوا أن هذا الألم ينتج بالأساس عن تمزقات دقيقة في الألياف العضلية تحدث عند ممارسة تمارين جديدة أو رفع أوزان أثقل من المعتاد. هذه التمزقات البسيطة تُثير استجابة التهابية طبيعية في الجسم، ينتج عنها شعور بالتيبّس والوجع الذي يبدأ عادةً بعد 24 ساعة ويستمر حتى 72 ساعة.
لكن المثير للانتباه أن هذه الأوجاع لا تعني بالضرورة أن العضلة تنمو. فعملية بناء العضلات تعتمد على عوامل أكثر أهمية مثل:
• التغذية الصحية وخاصة البروتين.
• النوم العميق الذي يسمح بعمليات الاستشفاء.
• البرنامج التدريبي المتدرج الذي يمنح الجسم فرصة للتكيف.
غياب الألم.. هل يعني فشل التمرين؟
الدراسة أكدت أن عدم الشعور بالألم بعد التمرين لا يعني أن مجهودك ذهب سدى. بالعكس، قد يكون ذلك مؤشرًا على أن جسمك أصبح معتادًا على نوعية الحمل التدريبي، وهو ما يُعرف بـ "التكيف العضلي".
إذن، لا داعي للقلق إذا خرجت من الجيم وأنت لا تشعر بوجع شديد، فذلك لا ينفي أن عضلاتك تستفيد وتنمو بشكل سليم.
أسباب شائعة لآلام العضلات
بحسب أبحاث نُشرت في Journal of Strength and Conditioning Research، فإن هناك عدة عوامل تزيد احتمالية ظهور DOMS، أهمها:
• زيادة الحمل التدريبي بسرعة دون تدرج.
• أداء حركات جديدة أو غريبة على الجسم.
• العودة للتدريب بعد فترة انقطاع طويلة.
هذه الممارسات تجعل العضلة غير معتادة على الجهد، وبالتالي ترتفع فرص الشعور بآلام بعد التمرين.
التكيف العضلي.. السر الحقيقي وراء الأداء الرياضي
الألم إذن ليس مقياسًا لمدى كفاءة التمرين، وإنما جزء من عملية التكيف العضلي. هذه العملية تجعل الجسم مع الوقت أكثر قدرة على أداء التمارين بفعالية وبدون معاناة زائدة.
الخبراء ينصحون الرياضيين بعدم الاعتماد على الألم كمؤشر وحيد لنجاح التمرين، لأنه قد يقود إلى سوء تقدير النتائج أو حتى الإفراط في التمرين، وهو ما قد يسبب إصابات ويعرقل نمو العضلات بالفعل.
ما الذي تحتاجه عضلاتك حقًا؟
لكي تحقق أفضل نتائج في رحلة اللياقة البدنية أو كمال الأجسام، عليك التركيز على ثلاث ركائز أساسية:
- التدريب المنتظم والمتنوع: تغيير روتين التمارين يحفز العضلات على النمو.
- التغذية الصحية الغنية بالبروتين والمعادن: فهي الوقود الأساسي لإصلاح الألياف العضلية
- الاستشفاء العضلي الجيد: من خلال النوم الكافي والراحة بين الجلسات التدريبية.
الوجع بعد التمرين قد يكون شعورًا مألوفًا ومُرضيًا للبعض، لكنه ليس الدليل السحري على نمو العضلات. فالعلم يقول إن النمو الحقيقي يحدث عندما تمنح عضلاتك ما تحتاجه من تغذية، نوم، وبرنامج تدريبي ذكي.
لذلك، في المرة القادمة التي تنهي فيها تمرينك ولا تشعر بوجع، ابتسم! فهذا قد يعني أن جسمك أصبح أقوى وأكثر تكيفًا مع التحديات. وتذكر دائمًا أن اللياقة البدنية ليست سباقًا سريعًا، بل رحلة طويلة تحتاج إلى ذكاء وصبر.