اشرف محمدين يكتب الفرح لحظة - والحزن فترة - والرضا حياة: فلسفة التوازن في رحلة الإنسان


في حياة الإنسان تتداخل المشاعر، وتتغير الأحوال بين فرح يلمع كلمح البصر، وحزن يتغلغل في الأيام، ورضا يستقر في القلب كملاذ دائم. قد نلهث وراء الفرح، ونهرب من الحزن، لكن الحقيقة أن مفتاح التوازن والسعادة الحقيقية يكمن في الرضا، ذلك الشعور العميق الذي يمنح الحياة معنى وراحة.
الفرح: لحظة خاطفة تستحق الاحتفاء
الفرح يشبه ومضة البرق، يأتي فجأة ويغمر القلب بنور وسعادة، لكنه لا يدوم طويلاً. قد يكون في ضحكة طفل، أو لقاء مع صديق، أو إنجاز تحقق بعد عناء. المشكلة أن الكثيرين يعتقدون أن السعادة تكمن فقط في الفرح، فيلهثون وراءه، متناسين أنه مجرد لحظة عابرة في عمر طويل. لذا، من الحكمة أن نستمتع بهذه اللحظات دون أن نرهن حياتنا لها.
الحزن: فترة تعلم لا استسلام
على عكس الفرح، الحزن يستمر لفترة، وأحيانًا يبدو وكأنه لا ينتهي. لكنه في حقيقته مدرسة تعلم الإنسان الصبر والقوة، وتجعله يقدر الفرح عندما يعود. المشكلة أن البعض يغرق في أحزانه ويستسلم لها، متناسياً أنها ليست سوى مرحلة مؤقتة. فهما كان الحزن ثقيلا فسيبدأ كبيرا و يظل يصغر و يصغر مع الأيام طالت او قصرت .. لا يمكن لأحد أن يتجنب الحزن تمامًا، لكن يمكننا التحكم في طريقة تعاملنا معه، فنجعله محطة للتأمل والتعلم، لا سجنًا نقضي فيه عمرنا.
الرضا: أسلوب حياة لا يرتبط بالمواقف
إذا كان الفرح عابرًا، والحزن مؤقتًا، فالرضا هو الحالة المستقرة التي تجعل الحياة متزنة. الرضا لا يعني الاستسلام أو القبول بالواقع دون سعي للتحسين، بل هو القدرة على رؤية الجمال في كل المراحل، والاستمتاع بما هو متاح، والعمل بطمأنينة على تحقيق الأفضل. الشخص الراضي لا يحزن بشدة عند المصائب، ولا يبالغ في الفرح عند النجاحات، لأنه يدرك أن الحياة متغيرة، وأن السر في قبولها كما هي مع السعي الدائم للأفضل.
كيف نصل إلى الرضا؟
1. عدم المبالغة في التعلق بالفرح أو الحزن: الفرح مهم لكنه لا يدوم، والحزن مؤلم لكنه لا يستمر، فخير الأمور الوسط هذا يجب ما يكون بل و الأصح أن نتخذه منهجا و دستورا لحياتنا فلا يجب أن يكون الفرح او الحزن أحدهما محور حياتنا.
2. ممارسة الامتنان: التركيز على النعم الموجودة بدلًا من التركيز على ما نفتقده. فان تلهث وراء ما ليس بيدك لن يجديك شيئا إلا تضييع عمرك هباءا و لن تجني إلا الغم و الهم و كما قال سيدنا علي ابن طالب في وصفه العشرة جنود الله علي الأرض بان الهم هو اقوي عدو للإنسان
3. التوازن بين السعي والقبول: علينا أن نجتهد لتحقيق ما نريد، لكن دون قلق أو استنزاف عاطفي.
4. تغيير طريقة التفكير: بدلاً من مقاومة الحياة، نتقبلها كما هي ونتعامل بمرونة مع تغيراتها.
في النهاية، لا يمكننا التحكم في الأحداث التي نمر بها، لكن يمكننا التحكم في ردود أفعالنا. الفرح لحظة يجب أن نعيشها، الحزن فترة علينا أن نتجاوزها، لكن الرضا و التصالح مع النفس هو أسلوب حياة يمنحنا السلام النفسي والاستقرار. عندما ندرك هذه المعادلة، نصبح قادرين على الاستمتاع بالحياة بكل ما فيها، دون أن نفقد توازننا أمام تقلباتها.