د. غادة فتحي الدجوي تكتب.. سلسلة مقالات ”الفنّ يغيّرك – من الداخل للخارج”


الحلقة الأولى"رسمة وحكاية: كيف ممكن لوحة بسيطة تخلّصك من ضغوطك؟"
"رسمة وحكاية: كيف ممكن لوحة بسيطة تخلّصك من ضغوطك اليومية؟"
في تلك اللحظات التي يعجز فيها اللسان عن النطق، وتقف الكلمات حائرة أمام شدة المشاعر، تظهر الورقة البيضاء والقلم كأصدقاء أوفياء. إنها ليست مجرد خطوط وألوان، بل هي لغة أخرى تنقل ما تعجز عنه الكلمات. كثير من الناس يظنون أن الفن يحتاج إلى موهبة خارقة، لكن الحقيقة أن كل إنسان يحمل بداخله فنانًا قادرًا على تحويل أحزانه إلى لوحات، وهمومه إلى ألوان.
تخيل معي فتاة في العشرين من عمرها، تعاني من ضغوط الدراسة وقلق المستقبل. في أحد الأيام، وبينما كانت تشعر بأن العالم يضيق عليها، أمسكت قلماً وبدأت ترسم خطوطاً عشوائية. لم تكن تعرف ما ترسم، لكن يديها كانت تتحرك وكأنها تعرف الطريق. بعد أيام، عندما نظرت إلى تلك الرسومات، اكتشفت أنها كانت ترسم مشاعرها دون أن تدري. الخطوط المتشابكة تعكس حيرتها، والألوان الداكنة تظهر قلقها. مع الوقت، بدأت تلاحظ كيف تتغير رسوماتها مع تحسن مزاجها، وكيف أصبحت الألوان أكثر إشراقاً عندما بدأت تشعر بتحسن.
اقرأ أيضاً
أشرف زكي عن حالة محمد صبحي الصحية: يغادر المستشفى حاليا
وفاة أرملة حمدى غيث.. وهذه وصيتها قبل الرحيل
محمود سعد يكشف آخر أخبار الحالة الصحية لـ أنغام
محمد هنيدي يُعلق على قرار تركي آل الشيخ باعتماد موسم الرياض على فنانين سعوديين وخليجيين
روبى تطرح أغنية ثانيتين على يوتيوب غدا
فنانون يدافعون عن محمد عبدالعاطي بعد القبض عليه
”بابا” أغنية الصيف الأبرز.. محمد يحيى: كان لدى يقين بنجاحها
شقيق الفنان محمد صبحى يطمئن جمهوره
نقل الفنان محمد صبحى إلى المستشفى.. تفاصيل
الشاعر ملاك عادل: التعاون مع الهضبة وسام على صدري
رامي جمال: أقدم مفاجآت كثيرة في حفل مهرجان العلمين وهو قريب من قلبى
ليندسي لوهان تعبر عن حنينها للسينما الكلاسيكية وتلمح إلى دور أحلامها القادم
القصة لا تتوقف عند هذا الحد. شاب كان يعاني من صعوبة في التعبير عن غضبه، وجد في الرسم متنفساً غير متوقع. بدأ يرسم بعنف على الورق، خطوطاً قوية وحادة، ثم فجأة... تحولت تلك الخطوات إلى أشكال أكثر ليونة. لقد كان يشهد عملية تحول غضبه إلى طاقة إيجابية على الورق قبل أن تحدث في حياته الواقعية. هذه ليست معجزة، بل هي قوة الفن العلاجية التي يعترف بها العلم اليوم.
جرب أن تأخذ ورقة بيضاء وقلم رصاص. لا تفكر كثيراً، فقط ارسم أول شيء يخطر ببالك. يمكن أن تبدأ بخربشات عشوائية، أو ربما ترسم شكل قلب إذا كنت تشعر بالحب، أو غيمة إذا كنت حزيناً. لا تهتم بالمظهر النهائي، فالأهم هنا هو العملية نفسها. بعد أن تنتهي، تأمل رسمتك. ماذا ترى؟ هل هناك الكثير من الزوايا الحادة؟ هل الألوان داكنة أم فاتحة؟ كل هذه تفاصيل قد تخبرك الكثير عن حالتك النفسية دون أن تدرك.
إذا أردت أن تجعل هذه العادة جزءاً من حياتك، جرب أن ترسم لمدة خمس دقائق يومياً. يمكنك أن ترسم مشهداً من نافذتك، أو تعبيراً عن يومك. مع الوقت، ستلاحظ أن هذه الرسومات أصبحت مثل مذكرات خاصة لمشاعرك، وسجلًا مرئيًا لرحلتك النفسية. وإذا شعرت بالجرأة، يمكنك أن تشارك بعضاً من هذه الرسومات مع صديق مقرب، فربما يرى فيها ما لم تستطع أنت رؤيته.
تذكر دائماً أن الفن ليس حكراً على المحترفين. إنه حق للجميع، ووسيلة للتعبير حرّة لا تعرف القيود. في المرة القادمة التي تشعر فيها بأن المشاعر تكاد تخنقك، جرب أن تمسك قلماً وورقة. ارسم دون خوف، ودون توقع. قد تتفاجأ بما ستكتشفه عن نفسك، وبالراحة التي ستشعر بها بعد أن تطلق تلك المشاعر على الورق. في النهاية، الورقة البيضاء لا تحكم على أحد، وهي مستعدة دائماً لاحتواء كل ما بداخلك، بكل ما فيه من فرح وحزن، أمل وخوف.
الى اللقاء في الحلقة القادمة...