الجمعة 31 أكتوبر 2025 09:20 مـ 9 جمادى أول 1447هـ
أخبار مصر 2050
  • رئيس التحرير التنفيذي مها الوكيل
  • مستشار التحرير د. عبد الرحمن هاشم
المقالات

اشرف محمدين يكتب ؛-يوم العزة والكرامة – 6 أكتوبر ليس انتصارًا عسكريًا فقط

أخبار مصر 2050

في ذاكرة الوطن، هناك أيام لا تُنسى، تُكتب بحروف من نور وتُروى بدماء من ذهب، ويوم السادس من أكتوبر واحد من هذه الأيام الخالدة. لم يكن يومًا عاديًا في تاريخ مصر والعرب، بل كان يوم العزة والكرامة، يوم استعاد فيه المصريون هويتهم، ورفعوا رأس الأمة العربية بعد سنين من الانكسار والانكسار النفسي قبل العسكري.
كان السادس من أكتوبر أكثر من معركة عبور، كان عبورًا من اليأس إلى الأمل، ومن الانكسار إلى الكبرياء، ومن الهزيمة إلى استعادة الثقة في الذات. لم يكن نصر الجيش وحده، بل نصر شعب بأكمله، تحدّى المستحيل، وأثبت أن الإرادة أقوى من السلاح، وأن العزيمة حين تتوحد، تصنع التاريخ.

لقد أعاد المصريون في ذلك اليوم كتابة مفهوم “الانتصار”. لم يكن الانتصار فقط في عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف، بل في عبور الخوف الذي سكن النفوس لسنوات. كان نصرًا على الهزيمة النفسية التي حاول العدو أن يزرعها فينا. كان رسالة للعالم أن مصر لا تُقهر، وأن كرامتها ليست محل مساومة.
ولم تكن مصر وحدها في الميدان. يومها، توحد العرب على قلب رجل واحد. من الخليج إلى المحيط، صدحت الإذاعات بأغاني النصر، وتدفقت الدماء العربية في الجبهات، في مشهدٍ لم يتكرر كثيرًا في تاريخنا الحديث. كان ذلك اليوم لحظة نادرة من الوحدة العربية الحقيقية، لحظة أدركت فيها الأمة أن قوتها في تضامنها، وأن العدو لا يفرّق بين عَلمٍ وآخر.
لقد أظهرت حرب أكتوبر أن الهوية المصرية ليست مجرد انتماء جغرافي، بل روح صلبة لا تنكسر. الهوية التي تجمع بين الانتماء للوطن والانفتاح على الأمة العربية، بين الجذر المصري العميق، والامتداد العربي الواسع. كانت مصر — وما زالت — قلب العروبة النابض، الذي حين ينبض بالعزة، تنتفض معه الأمة كلها.
ويوم 6 أكتوبر لم يكن فقط انتصارًا عسكريًا، بل كان ثورة في الوعي الجمعي. لقد علّمنا أن الكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع. وأن القوة لا تُقاس بعدد الطائرات والدبابات، بل بقوة الإيمان بالحق، وبالانتماء للأرض، وبالوفاء للدماء التي روتها. كانت لحظة ميلاد جديدة لمصر الحديثة، ميلاد أمة استعادت ثقتها بنفسها، وعرفت أن النصر يبدأ من الداخل قبل أن يتحقق على الحدود.
لقد ترك السادس من أكتوبر ميراثًا خالدًا للأجيال. ميراثًا من الفخر، ومن الدروس، ومن المسؤولية. فليس المهم أن نحكي عن النصر، بل أن نعيش معناه، وأن نحافظ على قيمه: الشجاعة، والانتماء، والوحدة، والإيمان بأن لا مستحيل أمام من يؤمن بوطنه.
يبقى السادس من أكتوبر رمزًا خالدًا للعزة والكرامة، وعهدًا يتجدد في كل جيل: أن تظل مصر مرفوعة الرأس، حامية هويتها، وراعية لأمتها العربية. لقد انتصرنا يومها بالسلاح، لكننا انتصرنا قبلها بالإرادة، وبعدها بالوعي. فكلما ذُكر أكتوبر، نتذكر أن الكرامة لا تُورَّث، بل تُصان، وأن الأوطان لا تُبنى بالشعارات، بل بالعطاء والتضحية والحب الصادق لترابها
الختام: رسالة إلى الجيل الجديد – حافظوا على النصر الذي صنعه الأجداد

أيها الجيل الجديد، أنتم لم تعيشوا حرب أكتوبر، لكنكم تحملون في دمائكم نصرها. أنتم ثمرة جيلٍ قدّم أغلى ما يملك ليمنحكم وطنًا حرًّا، آمنًا، مرفوع الرأس. فلا تجعلوا تلك التضحيات مجرد سطور في كتاب التاريخ، بل اجعلوها نبضًا في حياتكم، وسلوكًا في واقعكم، وإيمانًا بأن مصر تستحق دائمًا الأفضل.

لقد عبر أجدادكم القناة بالسلاح، فاعبروا أنتم كل التحديات بالعلم والعمل. كانت معركتهم ضد عدو واضح، أما معركتكم اليوم فهي ضد اللامبالاة واليأس وضياع الهوية. حافظوا على روح أكتوبر في قلوبكم، فهي ليست حكاية قديمة، بل طاقة خالدة تذكّركم أن لا شيء مستحيل، وأن الإصرار يصنع المعجزات كما صنعها أبطالكم من قبل.

تعلموا من السادس من أكتوبر أن الوطن لا يُبنى بالكلام، بل بالفعل. أن الانتماء ليس راية نرفعها في المناسبات، بل عمل يومي، وإتقان في كل مجال، واحترام لكل من سبقونا. واعلموا أن الكرامة الوطنية لا تعني الغرور، بل تعني أن نكون أمناء، شرفاء، نحب بلادنا كما نحب أنفسنا.

يا شباب مصر، إن الأوطان لا تنادي أبناءها إلا وقت الخطر، ومصر نادت فلبّى الآباء والأجداد. واليوم، تناديكم لتكملوا مسيرة البناء، لتكتبوا أنشودة النصر من جديد، ولكن بسلاحٍ مختلف: سلاح العلم، والوعي، والضمير.

احملوا راية أكتوبر، لا لتتغنّوا بالماضي، بل لتصنعوا حاضرًا يُشرّف المستقبل. فمصر لا تنتظر منكم أن تكرّروا الانتصار، بل أن تحافظوا عليه. وأن تزرعوا في قلوب أبنائكم نفس الإيمان بأن هذه الأرض تستحق الحياة، لأنها دفعت ثمن حريتها غاليًا.

وفي كل سادس من أكتوبر، لا تكتفوا بالاحتفال، بل تذكّروا أن النصر الحقيقي هو أن تظلوا مخلصين لما آمن به أولئك الأبطال: أن لا شيء أعزّ من الوطن، ولا كرامة بلا عطاء، ولا مستقبل بلا انتماء

مواقيت الصلاة

الجمعة 09:20 مـ
9 جمادى أول 1447 هـ 31 أكتوبر 2025 م
مصر
الفجر 04:40
الشروق 06:08
الظهر 11:39
العصر 14:46
المغرب 17:09
العشاء 18:28