الدواء المصري على خريطة إفريقيا.. خطة طموحة لمليار دولار صادرات بحلول 2030

في ظل سعي مصر لتعزيز مكانتها الاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي، تضع الدولة قطاع صناعة الأدوية في مقدمة أولوياتها، باعتباره واحدًا من أكثر القطاعات الاستراتيجية المرتبطة مباشرة بصحة المواطن ودعم الاقتصاد الوطني. ومع تزايد الاهتمام بالسوق الإفريقية باعتبارها بوابة واعدة للنمو، أعلنت مصر عن خطة طموحة تستهدف رفع حجم صادرات الدواء المصري إلى مليار دولار بحلول عام 2030.

صناعة دوائية قوية تنافس عالميًا

يمثل الدواء المصري نموذجًا مشرفًا للصناعات الوطنية التي أثبتت جدارتها، ليس فقط داخل السوق المحلية، بل في العديد من الدول التي بدأت تعتمد عليه لفعاليته العالية وجودته مقارنة بأسعاره المناسبة. وتؤكد الإحصاءات أن مصر تمتلك قاعدة إنتاجية قوية للغاية، حيث تضم ما يقرب من 986 خط إنتاج وأكثر من 160 مصنعًا للأدوية. هذه البنية التحتية تعكس قدرة الدولة على تلبية احتياجات السوق المحلية بالكامل، إلى جانب الانطلاق بقوة نحو التوسع في الأسواق الإفريقية والدولية.

إفريقيا.. سوق استراتيجي واعد

القارة الإفريقية تمثل اليوم أكثر من مجرد سوق للمنتجات المصرية، فهي ساحة استراتيجية للتعاون والتكامل الاقتصادي. فبحسب خبراء الصحة والاقتصاد، تعاني دول عديدة في إفريقيا من فجوات كبيرة في توفير الدواء، سواء من حيث التوافر أو الأسعار. وهنا يظهر الدواء المصري كخيار مثالي، يجمع بين الجودة والتكلفة المناسبة، ما يمنحه فرصة ذهبية لغزو هذه الأسواق وتحقيق نمو سريع.

وأشار أحمد إدريس، أمين عام منتدى الإصلاح الصحي، خلال مداخلة هاتفية مع فضائية النيل للأخبار، إلى أن تعزيز صادرات الدواء يمثل "أولوية وطنية" لمصر، موضحًا أن الدولة تمتلك الإمكانات التي تؤهلها لتكون لاعبًا محوريًا في السوق الإفريقية، وأن الوصول إلى مليار دولار صادرات دوائية بحلول 2030 هدف قابل للتحقيق إذا ما استمرت الاستراتيجية الحالية بخطى ثابتة.

رؤية مصر 2030.. الدواء قوة ناعمة اقتصادية

التحرك نحو إفريقيا ليس وليد اللحظة، بل يأتي ضمن إطار رؤية مصر 2030، التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل القومي، وتعزيز الصادرات غير البترولية. وفي هذا السياق، يشكل قطاع الأدوية ركيزة أساسية لزيادة العوائد بالعملة الصعبة، إلى جانب دعم مكانة مصر كمركز إقليمي لتصنيع وتوزيع الأدوية.

ومع تزايد التوجه نحو الصناعات الطبية والاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا في مجال الدواء، تبرز مصر كدولة تمتلك مقومات الريادة؛ فهي لا تكتفي فقط بتصنيع الأدوية التقليدية، بل تسعى أيضًا للتوسع في إنتاج المستحضرات المتطورة والمستنسخة من الأدوية العالمية، بما يتيح لها منافسة كبريات الشركات الدولية.

دعم الاستثمار والتصدير

من جهة أخرى، تعمل الحكومة المصرية على إزالة المعوقات التي تواجه المصدرين عبر تقديم التسهيلات، وتطوير منظومة التسجيل الدوائي، وتبسيط الإجراءات الخاصة بفتح أسواق جديدة. كما يجري التعاون مع الهيئات الدوائية في إفريقيا لضمان سرعة اعتماد المنتجات المصرية، وهو ما يعزز فرص نجاح هذه الخطة الطموحة.

ويؤكد خبراء الاستثمار أن دعم صادرات الأدوية لن ينعكس فقط على زيادة العوائد المالية، بل سيخلق فرص عمل جديدة، ويحفز تطوير البحث العلمي والإنتاج المحلي. كما أن التوسع في السوق الإفريقية يفتح الباب أمام الشراكات الاستثمارية، سواء من خلال المصانع المشتركة أو مراكز التوزيع التي تضع مصر في قلب القارة السمراء.

الدواء المصري.. من المحلية إلى العالمية

إذا كانت الأسواق الإفريقية هي الخطوة الأولى، فإن الرؤية الأوسع لمصر تتمثل في التوجه نحو العالمية. فالدواء المصري، بما يملكه من مواصفات عالية، يمكنه منافسة منتجات من دول كبرى مثل الهند وتركيا. وهذا بدوره يفتح المجال أمام انتشار أوسع في الأسواق الآسيوية والعربية والأوروبية مستقبلاً.

الطريق نحو مليار دولار صادرات دوائية بحلول 2030 ليس مجرد حلم، بل خطة واقعية مدعومة بأرقام وإمكانات حقيقية. ومع توافر الإرادة السياسية، وقوة الصناعة الوطنية، والدعم المتزايد من الدولة، يبدو أن مصر تسير بخطى واثقة نحو تحويل الدواء المصري إلى علامة مسجلة في إفريقيا والعالم، لتصبح الصحة والاقتصاد وجهين لعملة واحدة في مسيرة التنمية المستدامة.