الرئيس السيسى يوجه بتعزيز الوعي المجتمعي والبرامج التعليمية لتحقيق التوازن السكاني المستدامتوجيهات رئاسية بسرعة إدماج كفر الشيخ ومطروح وسيناء ودمياط والمنيا بمنظومة التأمين الصحى الشاملشرم الشيخ ضمن أجمل 20 وجهة سياحية عالمية وفق تصنيف التايمزسيدة تعلق لافتات شكر أمام منزل صديقتها لخيانتها مع زوجها لمدة 5 سنواتكلب حليق بـ”وشم التنين” على ظهره يثير جدلا فى معرض للحيوانات الأليفةجيسى جى تلغى جولتها الغنائية بأمريكا وأوروبا بعد خضوعها لجراحة سرطان الثدىوزير الخارجية: استهداف إسرائيل للأونروا يهدد بتقويض الالتزام بالقانون الدوليأسعار العملات اليوم السبت 6-9-2025.. الدولار بـ48.53 جنيه للشراءاشرف محمدين يكتب:-الحنين الزائف - عندما تتحول المشاعر إلى أقنعة اجتماعية7%.. قفزة هائلة فى سعر الذهب اليوم بالبورصة العالمية ومصرالطقس اليوم.. معتدل فى الصباح الباكر حار نهاراً والعظمى بالقاهرة 34 درجةجيش الاحتلال يبدأ خطة تهجير الفلسطينيين من غزة ويحدد المواصى منطقة إنسانية
السبت 6 سبتمبر 2025 06:09 مـ 13 ربيع أول 1447هـ
أخبار مصر 2050
  • رئيس التحرير التنفيذي مها الوكيل
  • مستشار التحرير د. عبد الرحمن هاشم
المقالات

اشرف محمدين يكتب:-الحنين الزائف - عندما تتحول المشاعر إلى أقنعة اجتماعية

أخبار مصر 2050

الحنين الزائف - عندما تتحول المشاعر إلى أقنعة اجتماعية

الحنين شعور إنساني أصيل، لا يخلو منه قلب ولا يغيب عن وجدان أحد، فهو ذلك الخيط الذي يشدنا إلى الوراء، ويذكرنا بما عشناه من لحظات تركت في داخلنا أثرًا لا يُمحى. غير أنّ للحنين وجهًا آخر قد لا نلتفت إليه، وهو الحنين الزائف، ذلك الذي يزيّن الماضي بطلاء وهمي ويجعله أكثر بريقًا مما كان عليه في حقيقته. الإنسان حين يواجه تعب الحاضر أو فراغ الروح، يلجأ إلى ذاكرته كأنها ملاذ، غير أنّ ذاكرته ليست مرآة صافية تعكس الواقع كما هو، بل أقرب إلى لوحة رسمتها العاطفة بالألوان التي تختارها، فتُظهر الجميل وتخفي القبيح، وتُضخّم لحظات البهجة وتُصغّر الخلافات والخيبات. وهنا تكمن المفارقة الكبرى: فالإنسان الذي يهرب من قسوة الحاضر إلى دفء الذكرى، لا يدرك أنه قد يكون ضحية خداع داخلي يسرق منه حاضره باسم الماضي
الحنين الزائف يصوّر الماضي كجنة ضائعة، ينسى معها العقل أسباب الرحيل والخذلان، ويظل القلب يركض وراء صورة مصطنعة صنعها من بقايا لحظات متفرقة. من هنا ينشأ الوهم، فكم من شخص عاد إلى علاقة قديمة ظن أنها كانت الجمال كله، وحين عاد إليها اكتشف أن المشاكل التي فرّقت القلوب ما زالت كما هي، بل إن الزمن قد أضاف إليها أثقالًا جديدة. وكم من إنسان يشتاق إلى مكان قديم أو وظيفة سابقة أو صداقة اندثرت، فيعود إليها باحثًا عن الراحة، ثم يُفاجأ أن الحياة لم تكن بالصفاء الذي تخيّله، وأن ما يفتقده ليس الأشخاص ولا الأماكن بقدر ما يفتقد الإحساس الذي كان يعيشه وقتها. وهكذا يصبح الحنين الزائف بمثابة دائرة مغلقة، ندور فيها باحثين عن شعورٍ لا يعود، فنُتعب قلوبنا ونحرم أعيننا من رؤية الجمال القائم أمامنا.

خطورة الحنين الزائف أنه يظلم الحاضر، ويجعل الإنسان يقارن واقعه بصور مثالية لا وجود لها إلا في خياله. فيفقد متعة ما بين يديه، وينشغل بمطاردة أشباح من الماضي لا يمكن أن تعود كما كانت. وربما يخسر فرصًا حقيقية لبناء سعادة جديدة، لأنه مشغول بتكرار تجربة قديمة انتهت بوعي منه أو دون وعي. إنّ الذاكرة خادعة، فهي كالمونتاج السينمائي، تقتطع مشاهد مختارة وتعرضها في شريط مشرق يبعث الدفء في القلب، لكنّها تُسقط تفاصيل مريرة كانت حاضرة ولم تختفِ إلا من الشاشة. وهنا تتحول الذاكرة إلى مخرج سينمائي بارع يختار أجمل الزوايا ويُهمل العيوب، ليقدم فيلمًا عاطفيًا براقًا، لا علاقة له بالحقيقة
ومع ذلك، لا ينبغي أن نعتبر الحنين كله عدوًا، فالحنين بحد ذاته دليل على أن الإنسان عاش لحظات جميلة تستحق أن تُذكر، لكن الحكمة تكمن في أن نتعامل معه كذكرى لا كواقع بديل، وكإلهام لا كوجهة للعودة. فالماضي قد أُغلق بابه، ولا يليق بنا أن نحاول إعادة فتحه، بل الأجمل أن نحمل منه ما يضيء حاضرنا ويقوّي خطواتنا نحو المستقبل. السؤال الأعمق الذي ينبغي أن نطرحه على أنفسنا دائمًا هو: هل نحن نشتاق حقًا إلى الأشخاص الذين غابوا؟ أم أننا نشتاق إلى الإحساس الذي كانوا يمنحوننا إياه؟ في معظم الأحيان، يكون الجواب أننا نتوق إلى الشعور لا إلى صاحبه، إلى تلك الطمأنينة أو السعادة أو الأمان الذي سكننا في لحظة معينة. وهذا الشعور يمكن أن نعيشه مجددًا، ولكن مع تفاصيل مختلفة ومع أشخاص آخرين وربما مع أنفسنا حين نتصالح مع واقعنا.
والأدهى أن المجتمع أحيانًا يشجع هذا الحنين الزائف، فيحوّله إلى عادة جماعية نتوارثها ونتباهى بها، فنُعيد اجترار الماضي في أحاديثنا اليومية وكأنه النموذج المثالي الذي لا يُعلى عليه. نغفل أن الزمن يتغير، وأن الإنسان الذي كنّا عليه لم يعد هو نفسه اليوم، وأن الظروف التي جعلت الماضي يبدو جميلًا قد لا تعود أبدًا. وهنا يصبح الحنين الزائف ليس مجرد حالة فردية، بل مرضًا اجتماعيًا يعيق تقدمنا ويجعلنا ندفن رؤوسنا في رمال الذكريات بدلًا من أن نبني واقعًا جديدًا.
الحنين الزائف إذن هو مرآة مكسورة، تعكس لنا صورة ناقصة فنظنها كاملة. والوعي به هو الخطوة الأولى لنعيش حياتنا كما هي، لا كما نتخيلها كانت. فالماضي مهما بدا براقًا هو زمن انتهى، والحاضر مهما كان صعبًا هو الحقيقة الوحيدة التي تستحق أن نحياها. وبين الذاكرة والوهم، يقف الإنسان حرًا ليختار: إما أن يعيش أسيرًا لصورة لا وجود لها، وإما أن يحوّل الحنين إلى طاقة نور تفتح له أبواب المستقبل.

وفي النهاية، يظل الحنين الزائف مرآةً مشوشة لمجتمع يخشى مواجهة ذاته، فيستبدل الصدق بأداء متقن، والعاطفة الحقيقية بمظاهر مصطنعة. لكن وحده الإنسان الذي يمتلك شجاعة البوح ويجرؤ على التعبير عن ذاته كما هي، هو القادر على التحرر من هذه الأقنعة الثقيلة. إن الصدق، مهما بدا بسيطًا أو مؤلمًا، يظل أرقى أشكال الإنسانية، وأجمل ما يمكن أن يتركه المرء أثرًا في قلوب الآخرين. فالتصالح مع الحاضر، والاعتراف بواقعه، هو الخطوة الأولى لكتابة مستقبل جديد يليق بنا. والصدق في مواجهة أنفسنا، هو الضمانة الوحيدة ألا نظل أسرى مرآة مشوشة، بل نكسرها ونبني منها نافذة تُطل على حياة أكثر صفاءً وامتلاءً بالمعنى

مواقيت الصلاة

السبت 06:09 مـ
13 ربيع أول 1447 هـ 06 سبتمبر 2025 م
مصر
الفجر 04:06
الشروق 05:35
الظهر 11:53
العصر 15:26
المغرب 18:12
العشاء 19:31