السبت 7 يونيو 2025 07:55 مـ 10 ذو الحجة 1446هـ
أخبار مصر 2050
  • رئيس التحرير التنفيذي مها الوكيل
  • مستشار التحرير د. عبد الرحمن هاشم
المقالات

اشرف محمدين يكتب:-خيانة المشاعر .. أعمق من خيانة الأجساد

أخبار مصر 2050

خيانة المشاعر .. أعمق من خيانة الأجساد


في عالمٍ مضطرب تتداخل فيه العلاقات وتتبدل فيه القيم، تبرز الخيانة كجريمة معنوية تهز كيان النفس قبل الجسد. ورغم أن خيانة الأجساد تُعد صدمة موجعة ومُهينة، فإن هناك نوعًا آخر من الخيانة أكثر قسوة، وأشد أثرًا، وأبقى وجعًا… إنها خيانة المشاعر.

خيانة المشاعر لا تُرى بالعين، لكنها تُشعر في كل خفقة قلب، وتُسمع في صمت المسافات بين الكلمات، وتُلمَس في البرود المتعمد، والنظرات الغائبة، والانشغال المتصنع. هي ليست لحظة واحدة بل سلسلة مواقف صغيرة تنهك القلب وتستنزف الروح.

إنها حين تُعطي من وقتك، من تفكيرك، من حنينك واهتمامك، ويمنحك الآخر من ظهره، ورده البارد، وكلامه الجاف. حين تُراهن على وعد، وتنتظر اللقاء، وتصدق النية، ويُراهن هو على بديل آخر، ربما أكثر “سهولة”، أو “إثارة”، أو “انبهارًا”، لكن دون عمق أو وفاء.

خيانة المشاعر ليست فعلًا طارئًا بل انسحابًا تدريجيًا يبدأ بهدوء كاذب، ثم ينسل خلسة من التفاصيل، من “صباح الخير” التي لم تعد تُقال، من نظرة العين التي فقدت بريقها، من غياب السؤال، ومن حضور الجفاء.

أن تُحب بصدق، وتُخلص بكل كيانك، ثم تجد نفسك في نهاية الأمر هامشًا في رواية كتبتها وحدك، فهذه هي الخيانة العظمى. أن تُؤمن بحبك، وتبني عليه مستقبلك، ثم تستيقظ على انكسار داخلي، هو أقسى أنواع الهزائم.

الأقسى من ذلك كله، أن يظل الجسد مخلصًا بينما القلب قد ارتحل. أن تعيش مع شخصٍ ينام بجوارك ويبتسم لك، بينما روحه في مكان آخر، ومشاعره لم تعد تعرفك، كأنك غريب يحيا في ذاكرة منطفئة.

خيانة الأجساد، رغم بشاعتها، قد تُداوى بالحدود والحسم، أما خيانة المشاعر، فهي نزيف داخلي لا يتوقف. هي أشبه بحالة فُقدان بطيء، يتسلل إليك كل ليلة، ويُطفئ نورك تدريجيًا، ويتركك تائهًا بين الذكرى والخذلان.

من خانك بجسده ربما لم يحبك أبدًا. أما من خانك بمشاعره، فقد أحبك يومًا… ثم قرر أن يقتلك ببطء. وهذه هي الكارثة: أن تتذكر كيف كنت محبوبًا، ثم تدرك كيف أصبحت منسيًا. أن تتحول من الأمان إلى الغياب دون تفسير.

ولكن…

رغم مرارة الخيانة، ورغم الألم الذي لا يُقاس، فإن القلب النقي لا يموت، والمشاعر الصادقة لا تُدنّس إلى الأبد. سيأتي يوم تُشفى فيه الندوب، ويهدأ فيه صخب الأسئلة، وتصبح كل الخيبات مجرد علامات على طريق النضج.

الحياة لا تتوقف عند خائن ولا عند من خذلك. من خانك هو من خسر نفسه، أما أنت، فحين تحتفظ بنقاء نيتك، وتواصل العيش بكرامة وصدق، فأنت المنتصر الحقيقي. الخيانة لا تُعني أنك لم تكن كافيًا، بل تعني ببساطة أن الآخر لم يكن جديرًا بك.

سامح نفسك أولًا، ثم سامح التجربة، ليس من أجلهم، بل من أجلك. ثم انهض، وانظر إلى الأمام بثقة. القادم فيه حب صادق، ودفء حقيقي، وقلوب نقية تستحقك كما أنت. لا تجعل من خيانة شخص سقفًا لأحلامك أو مقبرة لقلبك.

وإذا سألك أحدهم يومًا: “هل ما زلت بخير بعد كل هذا؟”
فابتسم وقل: “طالما ما زلت أُحب الخير، وأتمنى الخير… فأنا بخير.”

مواقيت الصلاة

السبت 07:55 مـ
10 ذو الحجة 1446 هـ 07 يونيو 2025 م
مصر
الفجر 03:08
الشروق 04:53
الظهر 11:54
العصر 15:30
المغرب 18:54
العشاء 20:27