د. غادة فتحي الدجوي تكتب.. رحلة في فنون التدريب


أن التدريب… فنون وعبقرية.. علمٌ لا يتوقف عند النظريات، في عالم يموج بالتغيرات السريعة، لم يعد التدريب مجرد نقل للمعلومات أو تطبيق جاف للنظريات الأكاديمية.
لقد تحول إلى فن أدائي راقٍ يجمع بين عمق العلم ورشاقة الإبداع، حيث يصبح المدرب فنانًا يرسم على لوحة العقول بألوان خبرته وثقافته.
فالتدريب الحقيقي يشبه النهر الجاري الذي لا يتوقف عند ضفاف النظريات القديمة، بل يكتسب مع كل تجربة مياهًا جديدة تغذي مساره.
المدرب المتميز لا يكتفي بما وجده في الكتب أو ما اقترحه الذكاء الاصطناعي من أنشطة جاهزة. إنه يعلم أن سر العظمة يكمن في القدرة على “تفصيل” التدريب كما يفعل الترزي المحترف مع البدلة الفاخرة.
اقرأ أيضاً
تفاصيل مقتل مستشار في فيلم No Other Land الحائز على الأوسكار
تشييع جثمان الفنان لطفى لبيب غدًا
المجلس القومي للمرأة يهنئ السيدات الفائزات بجوائز الدولة للتفوق في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية لعام٢٠٢٥
أشرف محمدين يكتب.. مصر - الأرض التي تجري في عروقها الحضارة
وفاة الفنان لطفي لبيب بعد صراع مع المرض
الداخلية: ضبط المتهمة بالتشهير بفنانة لزيادة نسب المشاهدة
إخلاء سبيل رمضان صبحى لاعب نادى بيراميدز بكفالة مالية 100 ألف جنيه
بنتايج يواصل التأهيل فى الزمالك بسبب الشد العضلى.. ومحاضرة فنية من فيريرا
إطلالات صيفية جريئة لنجمات الفن تشعل مواقع التواصل في موسم صيف 2025
برومو تشويقى لـ مسلسل ”ما تراه ليس كما يبدو”
وفاة خالة الفنان أحمد أمين
لتخطى طلاقه.. وفاة رجل تايلاندى عاش على ”البيرة” فقط لأكثر من شهر
كل مجموعة تدريبية تحتاج إلى مقاس مختلف، فما يصلح لشباب الجامعات لا يناسب موظفي الشركات، وما يثير حماس المعلمين قد لا يجد صدى عند الأطباء.
الفروق العمرية والثقافية والمهنية تصنع عالمًا متعدد الألوان يحتاج إلى مدرب قادر على انتقاء الدرجة المناسبة من بين لوحته الفنية.
عمق التدريب الحقيقي يأتي من اندماج العلوم الإنسانية مع المهارات الأدائية.
فالمدرب المحنك يشبه الممثل المسرحي الذي أتقن أدواته: صوته الذي يخرج من بطنه لا من حنجرته، لغة جسده التي تعزز كلماته، قدرته على الارتجال عند الحاجة.
إنه يعلم أن التدريب الفعال يحتاج إلى 30% معلومات علمية، 40% مشاعر إنسانية، و30% حركة ونشاط. هذه التركيبة السحرية هي ما يجعل المتدربين يتذكرون الجلسة بعد سنوات.
المشكلة التي يعاني منها عالم التدريب اليوم هي تحوله إلى صناعة نمطية. كثيرون ما زالوا يعتقدون أن الأنشطة القديمة مثل كوبايات الماء والبالونات تمثل قمة الإبداع! بينما الحقيقة أن التدريب الحديث يحتاج إلى أدوات أكثر حيوية: تمثيل الأدوار، التحديات الموسيقية، الرسم التعبيري، وحتى الألعاب الذهنية التي تحفز التفكير خارج الصندوق.
الأنشطة يجب أن تكون مرآة تعكس واقع المتدربين واحتياجاتهم، لا مجرد حشو للوقت.
سر التميز في عالم التدريب يكمن في الجرأة على التجريب.
المدرب العبقري هو الذي لا يخاف من تقديم شيء جديد، من كسر القوالب الجاهزة، من ابتكار أساليب خاصة به.
إنه يعلم أن كل نظرية علمية تحتاج إلى لمسة إنسانية لتتحول إلى حياة، وأن كل محتوى تدريبي يحتاج إلى روح فنية ليبقى في الذاكرة.
في النهاية، التدريب ليس مهنة كغيرها من المهن.
إنه رحلة إبداعية لا تنتهي، مسيرة تبدأ بالعلم ولكنها لا تبلغ ذروتها إلا بالفن.
المدرب الحقيقي هو ذلك الفنان الذي يصنع من كل جلسة لوحة فريدة، ومن كل متدرب عازفًا في أوركسترا المعرفة.
فكما قال أحد الحكماء: “المدرب العادي ينقل المعلومات، المدرب الجيد يشرحها، أما المدرب العبقري فيجعلها حياة”.