قطر ترد برسالة غير مباشرة.. تدريبات الجيش القطري تتصدر المشهد بعد الهجوم الإسرائيلي في الدوحة

في تطور إقليمي مثير للجدل، تحولت أنظار العالم مساء اليوم نحو العاصمة القطرية الدوحة، بعدما بث التلفزيون القطري الرسمي لقطات موسعة من تدريبات عسكرية سابقة نفذتها وحدات من الجيش القطري، وذلك بعد ساعات قليلة من الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مبانٍ سكنية يقطنها عدد من قادة المكتب السياسي لحركة حماس.

هذا التزامن اللافت بين الضربة الإسرائيلية وبث التدريبات أثار تساؤلات واسعة: هل هو مجرد مصادفة إعلامية؟ أم رسالة ضمنية من قطر بأنها قادرة على الدفاع عن سيادتها وردع أي تهديدات مستقبلية؟

تفاصيل الهجوم الإسرائيلي في قلب الدوحة

بحسب ما أوردته القناة 12 العبرية، فقد شنّت طائرات تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي هجومًا عنيفًا استهدف مبانٍ سكنية في الدوحة يُعتقد أنها كانت تضم اجتماعًا لقيادات حركة حماس. وسمع سكان العاصمة دوي نحو 10 انفجارات متتالية هزّت المنطقة، في مشهد غير مسبوق داخل الأراضي القطرية.

وفي بيان عاجل، أعلن الجيش الإسرائيلي أن العملية نُفذت بشكل مشترك مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، وأنها استهدفت "القيادة العليا لحماس" عبر ما وصفه بـ "ضربة دقيقة". وتزامن ذلك مع تسريبات إعلامية عن أن الاجتماع كان مخصصًا لمناقشة المقترح الأمريكي الأخير بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

الدوحة بين الاستهداف والرسائل السياسية

منذ سنوات طويلة، تستخدم حركة حماس العاصمة القطرية كمقر سياسي وإعلامي رئيسي خارج فلسطين، حيث تستضيف الدوحة عدداً من قياداتها وتوفر لهم مساحة للتحرك الدبلوماسي والإعلامي. ولهذا، فإن استهدافهم في قلب قطر يحمل أبعادًا إقليمية خطيرة، ليس فقط لحماس، بل لقطر نفسها التي لطالما لعبت دور الوسيط في أزمات غزة المتكررة.

لكن المثير للانتباه، أن الرد الأول الذي ظهر أمام الرأي العام لم يكن بيانًا سياسياً مباشراً من الحكومة القطرية، بل كان عبر التلفزيون القطري، الذي بث تدريبات عسكرية لوحدات من الجيش، وكأنها رسالة غير لفظية تقول: "قطر مستعدة، وقواتها المسلحة على أهبة الاستعداد لحماية أراضيها وسيادتها".

تدريبات الجيش القطري.. عرض قوة أم مصادفة إعلامية؟

اللقطات التي عرضها التلفزيون القطري أظهرت مناورات برية وبحرية وجوية شاركت فيها وحدات مختلفة من الجيش. وبدا واضحًا أن التركيز كان على مشاهد الطائرات المقاتلة والدبابات، بجانب تدريبات القوات الخاصة.

محللون اعتبروا أن توقيت البث لم يكن بريئًا، بل محاولة لبث الطمأنينة في الشارع القطري الذي صُدم من خبر الهجوم، وأيضًا لتوجيه رسالة إلى إسرائيل وحلفائها في المنطقة بأن قطر ليست ساحة مفتوحة للاستهداف العسكري.

قطر على خط الأزمة من جديد

الدوحة، التي لعبت خلال السنوات الماضية أدوارًا بارزة في المفاوضات بين إسرائيل وحماس، تجد نفسها اليوم أمام اختبار صعب. فمن ناحية، الهجوم يمثل خرقًا خطيرًا لسيادتها وتهديدًا مباشرًا لدورها كوسيط. ومن ناحية أخرى، فإن ردود الفعل الدولية قد تدفعها إلى اتخاذ موقف أكثر حدة تجاه إسرائيل، وهو ما قد يغير معادلة التوازنات في المنطقة.

مصادر سياسية أكدت أن قطر ستكثف اتصالاتها الدبلوماسية خلال الساعات المقبلة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في محاولة لاحتواء تداعيات الهجوم، خاصة وأن استهداف قيادات حماس في الدوحة قد يهدد مسار أي مفاوضات قادمة بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

الرسائل المتبادلة بين السماء والشاشة

اللافت أن المعركة هذه المرة لم تكن فقط في الميدان العسكري، بل انتقلت أيضًا إلى الإعلام. فبينما أصر الجيش الإسرائيلي على تصوير عمليته كضربة نوعية ضد "الإرهاب"، فضّلت قطر الرد من خلال شاشاتها بعرض قدراتها العسكرية، في ما يشبه حرب رسائل غير مباشرة.

ويقول مراقبون إن بث تلك التدريبات في هذا التوقيت ليس إلا جزءًا من لعبة توازن القوى النفسية والإعلامية، حيث تسعى الدوحة لإظهار أنها ليست مجرد "وسيط ضعيف"، بل دولة تملك جيشًا منظمًا قادرًا على حماية أراضيه ومصالحه.

مستقبل المشهد.. إلى أين؟

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة قد يفتح صفحة جديدة في مسار الصراع، إذ لم يعد مقتصرًا على غزة أو لبنان أو سوريا، بل امتد إلى الخليج. ومع صمت رسمي قطري حتى الآن، يبقى السؤال: هل ستكتفي الدوحة بالتحرك الدبلوماسي، أم ستلجأ إلى خطوات عملية أكثر صرامة؟

وفي كل الأحوال، يظل المشهد مفتوحًا على احتمالات عديدة، أبرزها:

• تشديد قطر لإجراءاتها الأمنية والعسكرية داخليًا.
• ضغوط أمريكية لاحتواء الأزمة وعدم التصعيد.
• احتمال دخول أطراف خليجية أخرى على خط المواجهة سياسيًا أو إعلاميًا.

وبينما تتجه الأنظار نحو رد الفعل القطري الرسمي، فإن الرسالة التي وصلت بالفعل إلى الجميع كانت واضحة: الدوحة ليست هدفًا سهلاً، والجيش القطري حاضر ومستعد.