د. غادة فتحي الدجوي تكتب.. ”الفنّ يغيّرك – من الداخل للخارج”

سلسلة مقالات "الفنّ يغيّرك – من الداخل للخارج"

الحلقة الثانية
الكتابة.. عندما تتحول الكلمات إلى شفاء

في تلك اللحظات التي تشعر فيها أن الليل طويل، والوسادة هي الوحيدة التي تعرف سر دموعك، تأتي قوة الكلمات لتكون المنقذ. مجرد ورقة وقلم يمكن أن يصنعا المعجزة، لا تحتاج لأن تكون كاتباً محترفاً أو شاعراً موهوباً، كل ما تحتاجه هو أن تطلق العنان لمشاعرك لتجري على الورق.
تصور معي شخصاً يعاني من ألم داخلي عميق، كلما حاول التعبير عنه بالكلام وجد الحروف عاجزة عن نقل ما في قلبه. ذات يوم، أمسك بورقة وبدأ يكتب بكل عفوية، دون قواعد أو تنسيق، كتب وهو يبكي، كتب وهو غاضب، كتب بكل صدق. بعد دقائق قليلة، شعر وكأن ثقلاً كبيراً قد أزيح عن صدره، ليس لأن المشكلة قد حلت، ولكن لأنه استطاع أخيراً أن يرى مشاعره ماثلة أمام عينيه.
الكثيرون يظنون أن الكتابة حكر على الموهوبين، لكن الحقيقة أن الكتابة العلاجية لا تتطلب سوى الصدق مع الذات. اكتب كما تتحدث، دون خوف من الأخطاء أو القواعد، دون التفكير في رأي الآخرين. اكتب عن الألم الذي لا تستطيع وصفه، عن الحلم الذي ضاع منك، أو حتى عن يومك العادي الذي أثقل كاهلك. المهم أن تفرغ ما بداخلك، لا أن تكتب من أجل الآخرين.
إن الكتابة هي الجسر بين العقل والقلب
يتعامل العقل البشري مع الألم بطريقتين متمايزتين:
- الطريقة العقلانية: حيث نُحلّل المشكلة ألف مرة
- الطريقة العاطفية: حيث نحس بالألم دون القدرة على التعبير عنه
الكتابة الحرة تبنى جسرًا بين هذين العالمين. عندما تكتب من أعماق قلبك:
✓ تترجم المشاعر الغامضة إلى كلمات واضحة
✓ تقطع حلقة الأفكار السلبية المتكررة
✓ تبدأ في رؤية مشكلتك من الخارج بدلًا من الغرق فيها

فلنقوم سويًا بعمل بعض التدريبات لتتحول كلماتنا إلى شفاء:
1. خصص خمس دقائق لكتابة كل ما يزعجك، حتى لو بدا تافهاً. اكتب بسرعة ودون توقف، وعندما تنتهي يمكنك تمزيق الورقة إذا شعرت أنك تريد التخلص من هذا الألم.
2. اكتب رسالة إلى نفسك في الماضي، أو إلى شخص آذاك. لا يهم أن ترسلها، المهم أن تعبر عما بداخلك.
3. قبل النوم كل يوم، اكتب ثلاثة أشياء أزعجتك وثلاثة أشياء أسعدتك. مع الوقت، ستتعلم رؤية الجمال حتى في أصعب الأيام.