اعرف حقك: الفرق بين «طرد الغاصب» و«غصب العقار» في القانون المصري

في عالم القانون، قد تبدو بعض المصطلحات متشابهة في ظاهرها لكنها تحمل دلالات مختلفة تمامًا عند التطبيق. من أبرز هذه المصطلحات التي تثير التساؤلات بين الناس هي: دعوى طرد الغاصب و دعوى غصب العقار. قد يظن البعض أن الاثنين وجهان لعملة واحدة، لكن الحقيقة أن بينهما فارق جوهري يتعلق بطبيعة الدعوى، الجهة المنظورة أمامها، بل وحتى العقوبة المترتبة عليها.

في السطور التالية، سنأخذك في جولة مبسطة وسلسة لفهم الفرق بين الدعويين، حتى يكون لديك وعي قانوني كامل بحقوقك وواجباتك، خصوصًا إذا كنت مالكًا لعقار وتعرضت لموقف من هذا النوع.

أولاً: دعوى طرد الغاصب.. الحل المدني السريع

دعوى طرد الغاصب تُعد في جوهرها دعوى مدنية موضوعية، أي أنها وسيلة قانونية يلجأ إليها المالك لاستعادة عقاره من شخص يشغله دون سند قانوني.

في السابق، كانت هذه الدعوى تُرفع أمام المحكمة المدنية العادية، لكن مع صدور القانون رقم 164 لسنة 2025 والقانون رقم 165 لسنة 2025، أصبحت هذه الدعوى من اختصاص محكمة الأمور المستعجلة. والسبب في ذلك أن هذه القضايا بطبيعتها عاجلة ولا تحتمل المماطلة، فالمالك يريد استرداد عقاره سريعًا ليستفيد منه أو يؤجره أو يتصرف فيه كما يشاء.

اللافت في دعوى طرد الغاصب أنها لا تفرض عقوبة جنائية على الشاغل، فهي تقتصر فقط على إلزامه بإخلاء المكان. أي أنك كمالك للعقار تحصل على حقك دون أن يدخل الطرف الآخر في دوامة الحبس أو العقوبات الجنائية.

بكلمات بسيطة: هذه الدعوى مدنية بحتة هدفها الإخلاء فقط.

ثانيًا: دعوى غصب العقار.. العقوبة أقسى

على الجانب الآخر، تأتي دعوى غصب العقار لتأخذ منحى مختلفًا تمامًا. فهي ليست دعوى مدنية، بل دعوى جنائية تستند إلى نص المادة 723 من قانون العقوبات.

الشرط الأساسي لنجاح هذه الدعوى هو إثبات نية الغصب. أي أن يكون الشخص قد استولى على العقار وهو يعلم تمامًا أنه لا يملك حقًا فيه. هنا يتحول الوضع من مجرد نزاع مدني إلى جريمة يعاقب عليها القانون.

العقوبة في هذه الحالة مزدوجة:

1. الإخلاء الفوري للعقار.

2. الحبس باعتبار أن الجاني ارتكب جريمة غصب واضحة.

بالتالي، دعوى غصب العقار تحمل طابعًا زجريًا يهدف ليس فقط إلى إعادة الحق للمالك، بل أيضًا إلى ردع أي شخص يفكر في الاستيلاء على ممتلكات الغير دون وجه حق.

ما الهدف من كل دعوى؟

رغم اختلاف الطبيعة القانونية بين الدعويين، فإن الهدف النهائي واحد: إخلاء العقار ممن يشغله بغير سند وإعادته إلى مالكه الشرعي.

• في دعوى طرد الغاصب: يحصل المالك على حقه بشكل مدني دون عقوبة حبس.

• في دعوى غصب العقار: يحصل المالك على حقه مع عقوبة جنائية توقع على المعتدي.

• الفرق إذن ليس في النتيجة النهائية، بل في الوسيلة والعقوبة.

لماذا يهمك أن تعرف الفرق؟

الكثير من الملاك أو حتى المستأجرين لا يدركون الفارق بين هاتين الدعويين، ما يجعلهم أحيانًا يسلكون طريقًا قانونيًا غير مناسب. فإذا كنت تبحث عن استرداد عقارك بسرعة ودون الدخول في إجراءات جنائية، فإن دعوى طرد الغاصب هي خيارك الأمثل. أما إذا أردت معاقبة المعتدي وردعه هو وغيره عن تكرار الفعل، فالحل هو دعوى غصب العقار.

وهنا تكمن الحكمة في أن المشرع المصري منح المواطن أكثر من وسيلة لحماية حقوقه، بما يتناسب مع طبيعة الموقف.

في نهاية الموضوع:

القانون المصري دقيق في صياغاته، وكل مصطلح له وزنه ومعناه. الفارق بين دعوى طرد الغاصب وغصب العقار ليس مجرد كلمات، بل هو فارق في الطبيعة القانونية، الجهة القضائية، والنتائج المترتبة.

إذا كنت مالكًا وتعرضت لغصب أو اعتداء على حقك في عقارك، عليك أن تحدد بدقة أي الطريقين ستسلك:

هل تريد استرداد حقك بسرعة دون مواجهة جنائية؟ ارفع دعوى طرد الغاصب.

هل تريد معاقبة الجاني ردعًا له ولغيره؟ إذن الطريق هو دعوى غصب العقار.

في النهاية، المعلومة القانونية ليست رفاهية بل درع يحمي حقك. تذكّر دائمًا أن من حقك تعرف، ومن واجبك

تسأل وتفهم قبل أن تتحرك، حتى لا يضيع وقتك وجهدك في مسار قانوني غير مناسب.