ملايين مهدرة ولاعبين بلا قيمة.. هاني العجيزي يفضح كواليس سوق الانتقالات ويكشف حقيقة الأهلي والزمالك


في عالم كرة القدم، قيمة اللاعب لا تُقاس فقط بالأهداف أو المهارات داخل الملعب، لكنها تتجسد في تأثيره الحقيقي على منظومة الفريق واستقراره النفسي والفني. في مصر، ومع اشتعال سباق الصفقات بين الأهلي والزمالك، خرج نجم الأهلي السابق هاني العجيزي بتصريحات نارية هزت الوسط الرياضي، حين وصف حال سوق الانتقالات بأنه «مليان لاعيبة متسواش اتنين جنيه»، في جملة موجعة لكنها صادقة، تكشف عمق الأزمة التي تعاني منها أندية القمة.
صفقات أشبه باستعراض إعلامي
على مدار المواسم الأخيرة، تحوّل التنافس بين الأهلي والزمالك في ضم اللاعبين من هدفه الطبيعي - سد الاحتياجات الفنية - إلى سباق محموم لإثبات القوة والنفوذ. العجيزي يرى أن هذا التنافس فقد بوصلة المنطق، فتحوّلت الصفقات إلى مجرد استعراض إعلامي وصفقات «شو» أكثر من كونها اختيارات مدروسة.
الأندية الكبرى - بحسب ما قاله - لم تعد تبحث عمّن يناسب خطط مدربيها، بل عمّن يُحدث ضجة أكبر في الصحافة ومواقع التواصل. هكذا صارت الصفقات بالملايين، حتى لو لم يضف هؤلاء اللاعبون أي فارق حقيقي داخل المستطيل الأخضر.
من الرابح ومن الخاسر؟
في قراءة العجيزي للمشهد، اللاعب وحده المستفيد؛ يوقّع عقودًا ضخمة تؤمن له مستقبله المالي، حتى وإن لم يكن مستواه يؤهله لهذه المبالغ. أما النادي، فيدفع أموالًا طائلة، ويفرض على جهازه الفني إشراك لاعبين لا يستحقون، فقط لأنهم «صفقات سوبر» على الورق. والضحية الأكبر في هذه الدوامة هو الجمهور الذي يُصدم كل موسم بآمال مهدرة ومستوى بعيد عن الطموحات.
هنا يطرح العجيزي سؤالًا جوهريًا: «هل أصبحت إدارة الكرة في مصر تدار فقط بمن يدفع أكثر، دون حساب الجودة والكفاءة؟»
غياب الرؤية.. والنتيجة: عشوائية
نجم الأهلي السابق لم يتردد في توجيه اللوم لإدارات الأندية، حتى ناديه الأسبق الأهلي، الذي طالما اشتهر بالاحترافية والدقة. لكنه أشار إلى أن الأهلي أيضًا وقع أحيانًا في فخ «الصفقات الاستعراضية»، شأنه شأن الزمالك، الذي أنفق ملايين الجنيهات على لاعبين لم يمنحوه الاستقرار أو البطولات الموعودة.
ما ينقص الأندية المصرية - من وجهة نظره - هو لجان فنية حقيقية تقود ملف التعاقدات بحسابات دقيقة، بعيدًا عن الضغوط الإعلامية و«ترندات» السوشيال ميديا. فالتعاقد مع لاعب يجب أن يقوم على رؤية طويلة المدى، لا على حسابات «من يربح المعركة الإعلامية اليوم».
الحل.. في كنز الناشئين
وسط كل هذا، شدد العجيزي على حل بسيط غائب عن الأذهان: العودة إلى قطاع الناشئين. حيث يرى أن هذا القطاع هو الثروة الحقيقية للأندية، ومنه خرجت أساطير الأهلي والزمالك على مر العقود.
وقال بلهجة حاسمة: «بدل ما الأندية بتصرف ملايين على لاعيبة مش فارقة، ليه ما نديش فرصة لأولاد النادي اللي بيلعبوا بروح وحب الشعار؟»
فاللاعب الصاعد من الناشئين لا يمنحك مجرد موسم أو اثنين، بل بإمكانه أن يكون عماد الفريق لعقدٍ كامل، مع إخلاص حقيقي للشعار الذي تربى عليه.
إدارة الكرة.. احتراف مش أرقام
واختتم العجيزي تصريحاته برسالة واضحة لإدارات الأندية: إن إدارة الكرة ليست لعبة أرقام أو سبق إعلامي، بل هي استثمار طويل الأجل. فلا يكفي استقدام لاعب أجنبي أو محلي بصفقة خيالية، بل يجب التأكد أنه الأنسب تكتيكيًا، والأصلح نفسيًا وانضباطيًا، لضمان عدم تحوّله لاحقًا إلى عبء داخل غرفة الملابس.
تصريحاته، وإن بدت قاسية، إلا أنها جرس إنذار لإدارات الكرة المصرية. فإذا استمر هذا النهج القائم على الفوضى والضجيج الإعلامي، فستظل الملايين تُهدر، وسيظل الجمهور يتحسر على فريقه. ويبقى الحل في العودة للأساس: «مين يستحق فعلاً يلبس الفانلة ويقاتل عشانها؟».