بعد رحيل الموسيقار حلمي بكر.. أرملته تكشف كواليس معاناة ابنتهما ريهام: ”بتسألني كل صحابها عندهم بابا إلا هي”

لا يزال اسم الموسيقار حلمي بكر حاضرًا في وجدان المصريين والعرب رغم مرور شهور على رحيله، إذ ترك بصمة فنية لا تُمحى، وإرثًا موسيقيًا وإنسانيًا تتوارثه الأجيال. لكن خلف هذا المجد الفني، هناك قصة إنسانية مؤثرة تعيشها أسرته، وعلى رأسها ابنته الصغيرة "ريهام"، التي وجدت نفسها تواجه قسوة الفقد في عمر مبكر.

في لقاء تلفزيوني صريح عبر برنامج "تفاصيل" على شاشة قناة صدى البلد 2، كشفت سماح القرشي، أرملة الموسيقار الراحل، عن الصعوبات التي مرت بها بعد وفاته، مؤكدة أن معاناة ابنتها كانت الأصعب، لأنها لم تستوعب في البداية فكرة غياب والدها.

"كل صحابي عندهم بابا.. ليه أنا لأ؟"

بهذه العبارة البسيطة، لخصت الطفلة الصغيرة حجم ألمها. تقول والدتها: "ابنتي ريهام كثيرًا ما كانت تتساءل عن غياب والدها، وتكرر عليّ: ليه أنا الوحيدة اللي معنديش بابا وكل صحابي عندهم؟"، مضيفة أنها تحاول دائمًا احتواء مشاعرها وتوعيتها بأن فقدان الأب تجربة يمر بها الكثير من الأطفال، وأن والدها لم يرحل حقًا، بل ترك لها قيماً وأفكارًا ستعيش بداخلها للأبد.

وتؤكد سماح القرشي أن ابنتها أظهرت نضجًا يفوق سنها بكثير، وأصبحت أكثر وعيًا وإدراكًا لمعنى المسؤولية. ورغم صغر عمرها، إلا أنها تعلّمت مواجهة الحياة بصلابة، بعدما رأت والدتها تكافح من أجل استكمال المسيرة التي بدأها والدها الراحل.

إرث فني لا يزول

لم يكن حلمي بكر مجرد موسيقار عابر في تاريخ الأغنية المصرية، بل كان أحد أعمدتها، وملحنًا بارعًا غيّر شكل الموسيقى العربية. قدم ألحانًا لكبار النجوم، وترك علامات فارقة جعلت اسمه محفورًا في وجدان المستمعين.

وتشير أرملته إلى أن هذا الإرث الضخم سيكون دائمًا زادًا لابنتهما، قائلة: "يمكن ريهام اتحرمت من وجود والدها بجانبها، لكنها مش هتتحرم من فنه ولا من قيمه، دي حاجات هتفضل عايشة معاها طول حياتها"، مؤكدة أن الموسيقى التي أبدعها حلمي بكر ستظل مصدر فخر ودافع لها كي تحب الحياة وتتمسك بالأمل.

صعوبات ما بعد الرحيل

لم تُخفِ سماح القرشي أن الحياة بعد رحيل الموسيقار الكبير لم تكن سهلة، إذ واجهت مسؤولية مضاعفة بين تربية ابنتها والحرص على استمرار ذكراه. وقالت: "غياب حلمي خلّى الحمل كله عليا.. بحاول أكون أم وأب في نفس الوقت، وأعوضها عن كل لحظة افتقدت فيها والدها"، مشيرة إلى أن الدعم النفسي والمعنوي كان ولا يزال أهم ما تحتاجه ريهام.

وأكدت أيضًا أن المجتمع أحيانًا لا يرحم الأطفال في مثل هذه المواقف، حيث تضطر الطفلة لمواجهة أسئلة من زملائها أو مواقف تذكرها بغياب والدها، لكنها مع الوقت تعلمت أن تتحول هذه التجربة القاسية إلى دافع للنضج والاعتماد على نفسها.

الموسيقار والإنسان

ورغم أن الناس يعرفون حلمي بكر كملحن وناقد فني بارع، إلا أن زوجته شددت على أن الجانب الإنساني في شخصيته كان أعظم ما تركه وراءه. تقول: "هو مش بس موسيقار عظيم.. حلمي كان إنسان بمعنى الكلمة، حساس وبيحب الخير ودايمًا عنده كلمة حق.. والحاجات دي كلها هتفضل عايشة فينا وفي كل اللي عرفوه"

مستقبل ريهام

عن مستقبل ابنتها، تؤكد سماح القرشي أنها تسعى جاهدة لتربيتها على نفس القيم التي تمسك بها والدها، مضيفة: "أنا عايزة ريهام تكمل الطريق وتكون إنسانة قوية وناجحة، سواء اختارت تمشي في طريق الفن زي والدها أو أي مجال تاني"، مشيرة إلى أن دعمها سيكون بلا حدود، وأنها تؤمن أن الطفلة التي نجت من هذه التجربة المبكرة سيكون لها شأن كبير في المستقبل.

رحل حلمي بكر بجسده، لكن أثره لم يغب، سواء في عالم الموسيقى أو في حياة أسرته الصغيرة. وبينما تكافح ابنته ريهام لتجاوز تجربة فقد الأب، يبقى إرث والدها حاضراً، يمدها بالقوة والإلهام. قصة إنسانية مؤثرة تُذكرنا بأن الفنانين الكبار لا يغادرون حقًا، بل يتركون بصمتهم في قلوب محبيهم وأحبائهم، وتظل موسيقاهم جسرًا يربط الماضي بالمستقبل.