رضوى الخليفة.. سيدة من الفيوم تكتب قصة نجاح عالمية في تصدير النباتات الطبية والعطرية

في قلب محافظة الفيوم، وبين الحقول التي تفوح منها رائحة الأعشاب الطبيعية والتوابل المصرية، برز اسم رضوى الخليفة كواحدة من أبرز رائدات الأعمال في مجال إنتاج وتصدير النباتات الطبية والعطرية. قصة كفاحها الملهمة لم تبدأ من القمة، بل من خطوات صغيرة مليئة بالشغف والإصرار حتى أصبحت اليوم نموذجًا للمرأة المصرية التي تتحدى الصعاب وتحقق المستحيل.

بداية الحلم من الفيوم

بدأت رحلة رضوى في عام 2006 بعزبة منشأة سكران، حيث التحقت بإحدى الشركات المتخصصة في هذا المجال كسكرتيرة بسيطة. لكن حبها للتعلم وشغفها بما يدور خلف الكواليس جعلها لا تكتفي بالمهام الروتينية. لم يمر سوى ستة أشهر حتى أثبتت جدارتها وأصبحت مديرة إدارية للشركة، وهو إنجاز غير معتاد في وقت قصير.

رضوى لم تتوقف عند حدود الإدارة، بل أرادت أن تفهم كل تفاصيل الإنتاج بنفسها. لذلك انتقلت إلى شركة أخرى، ليس في مجال التصدير وإنما في قسم الإنتاج، لتتعلم عمليًا كيفية استلام الخامات، الغربلة، التعبئة والتغليف. تقول رضوى: "كنت أتابع كل خطوة بنفسي، من التعامل مع العمال وحتى تجهيز الشحنات للتصدير، وحصلت على شهادات متخصصة في الزراعة العضوية – الأورجانيك – حتى أكون ملمة بكل جوانب العمل."

فتح أسواق خارجية وتحقيق الاستقلال

بفضل اجتهادها وخبرتها، حصلت رضوى على ثقة إحدى الشركات الأجنبية الشهيرة، لتكون وكيلة لها في مصر ومسؤولة عن فرعها المحلي. ومن هنا كانت نقطة الانطلاق نحو الاستقلال. ففي عام 2015 قررت تأسيس مشروعها الخاص، لتبدأ مرحلة جديدة أكثر تحديًا في عالم تصدير النباتات الطبية والعطرية.

لكن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود؛ إذ تعرضت لحادث خطير أجبرها على التوقف عامين كاملين. وبعدها عادت للعمل لفترة قصيرة، قبل أن تتوقف مجددًا أربع سنوات، انشغلت خلالها بحياتها الأكاديمية وحصلت على ماجستير ودرجتي دكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة بني سويف، بالإضافة إلى رعايتها لابنها الصغير بعد وفاة والدها.

ورغم هذه الصعوبات، لم تستسلم. بل عادت أقوى، حيث استأجرت مخزنًا خاصًا وزرعت الأرض المحيطة به، لتقوم بنفسها بعمليات التجفيف، الغربلة، التعبئة والتصدير. وهكذا تحولت من موظفة في شركة صغيرة إلى رائدة أعمال تملك مشروعًا متكاملًا يعتمد على خبرتها الطويلة وإصرارها على النجاح.

المرأة الوحيدة في قطاع النباتات الطبية بالفيوم

ما يميز تجربة رضوى أنها السيدة الوحيدة في محافظة الفيوم التي تملك شركة متخصصة في إنتاج وتصدير النباتات الطبية والعطرية، وهو قطاع طالما سيطر عليه الرجال. لكنها كسرت هذه القاعدة بجرأتها والتزامها.

تقول رضوى: "النجاح لا يُقاس بعدد الحاويات التي نصدرها، وإنما بالسمعة الطيبة والثقة التي نبنيها مع المزارعين والموردين والعملاء بالخارج. المنافسة في هذا المجال شرسة، لكنني مؤمنة أن الالتزام والجودة هما الطريق للبقاء."

أحلام بلا حدود

رغم ما حققته حتى الآن، تؤكد رضوى أن طموحاتها أكبر بكثير: "ما زلت أسعى لتحقيق قيمة مضافة في هذا القطاع الحيوي. وضعت أهدافًا أمامي ولن أتوقف حتى أصل إليها. وإن لم أتمكن من تحقيقها في حياتي، يكفيني أن يمضي أولادي على نفس الطريق ويحققوا ما بدأته."

لماذا قصة رضوى ملهمة؟

قصة رضوى الخليفة ليست مجرد رحلة عمل في تصدير النباتات الطبية والعطرية، بل هي ملحمة كفاح نسائية مصرية خالصة، تحمل في طياتها دروسًا عن الإصرار، الصبر، والإيمان بالذات. فهي مثال حي على أن النجاح لا يرتبط بظروف مثالية، بل بالقدرة على تحويل التحديات إلى فرص.