السبت 19 يوليو 2025 06:08 مـ 23 محرّم 1447هـ
أخبار مصر 2050
  • رئيس التحرير التنفيذي مها الوكيل
  • مستشار التحرير د. عبد الرحمن هاشم
المقالات

اشرف محمدين يكتب:-حين يصمت الكلام تبدأ النهاية في بيت الزوجية

أخبار مصر 2050

حين يُولد الصمت في العلاقة الزوجية لا يُولد معه السلام كما يظن البعض، بل يُولد موت بطيء وانهيار داخلي وتآكل يومي في جدران المودة والرحمة التي أرساها الزواج في بدايته. إن الحديث بين الزوجين ليس رفاهية بل هو الحياة ذاتها، وهو الهواء الذي تتنفسه العلاقة، وهو الدفء الذي يحميها من برودة الزمن، وهو النور الذي يضيء طريق التفاهم. أما حين يغيب الحوار ويُستبدل بالصمت الطويل والوجوم الثقيل، تتحول الحياة الزوجية إلى وحدة مزدوجة، شخصان يعيشان تحت سقف واحد ولكن بينهما مسافات أبعد من القارات
الصمت ليس مجرد امتناع عن الكلام، بل هو انسحاب واستسلام وإعلان غير معلن عن التوقف عن المحاولة. حين يختار أحد الطرفين ألا يتحدث، فإنه في الحقيقة يختار ألا يشارك وألا يفتح قلبه وألا يُشرك الآخر في عالمه الداخلي. ومن هنا تبدأ الأزمة، فالصمت قد يكون نتيجة جرح أو غضب أو قهر أو حتى خوف من رد فعل الطرف الآخر، ولكن أياً كان سببه، فهو في النهاية سلاح قاتل للعلاقة
وللأسف فإن كثيراً من الأزواج والزوجات لا يدركون أن أكبر الأزمات الزوجية تبدأ من كلمة لم تُقل ومن شعور لم يُشرح ومن موقف لم يُفسر. إن الكلام دواء والمصارحة علاج والحوار جسر ممتد بين قلبين، وحين يُهدم هذا الجسر يصبح كل طرف في جزيرة منعزلة يرى الآخر ولا يصل إليه، يسمعه ولا يفهمه، يعيش معه ولا يشعر به، وتبدأ الحياة بينهما تمشي على أطرافها حتى تسقط فجأة أو تتآكل ببطء
وليس الصمت وحده ما يقتل، بل التجاهل الذي يصاحبه والبرود الذي يتبعه والجمود الذي يُخيم بعده. العلاقة الزوجية لا تنمو بالكلام اليومي السطحي عن الطعام والطلبات والأولاد فحسب، بل تنمو بالحوار العميق وبمشاركة المخاوف والطموحات وبالحديث عن المشاعر وعن الحزن وعن الفرح وعن كل ما يخطر على القلب.
ولذلك فإن أي زوجين يريدان إنقاذ علاقتهما من الفتور والجمود عليهما أن يعيدا للكلام مكانته، أن يجلسا ليتحدثا لا ليعاتبا فحسب، بل ليقتربا من بعضهما البعض ويفهما بعضهما البعض ويُرمّما ما كسرته الأيام. إن الحديث بين الزوجين ليس واجباً بل حياة، وليس رفاهية بل ضرورة.
الصمت بين الأزواج حين يطول لا يكون هدوءاً بل نذير عاصفة، وكل بيت مات فيه الحوار ماتت فيه المشاعر وماتت فيه الحياة موتاً بطيئاً لا يشعر به أصحابه إلا حين يفوت الأوان.
الأسباب الخفية للصمت بين الأزواج
الخوف من رد الفعل فكثير من الأزواج أو الزوجات يخافون من قول آرائهم الحقيقية أو التعبير عن مشاعرهم خشية إغضاب الطرف الآخر، أو لأنهم اعتادوا أن يُحاسبوا على كل كلمة، فيختارون الصمت، التكرار الممل للمشاكل، فعندما تظل نفس المشكلات تتكرر دون حلول يبدأ أحد الأطراف بفقدان الأمل في الحوار، فيفضّل الصمت على أن يُوجع نفسه بكلام لا يُجدي، عدم وجود لغة حوار أصلاً، ففي بعض البيوت التي تأسست على مبدأ “سنعيش والسلام” من دون أن يتعلم الأزواج كيف يتحاورون ويتناقشون ويعبّرون، لم يكن الكلام أصلاً جزءاً من علاقتهم، الأنانية أو التسلط، فعندما يفرض طرف نفسه أو رأيه، ويشعر الطرف الآخر أن حديثه لا قيمة له، يتحوّل الصمت إلى حل دفاعي، الضغوط الخارجية، كضغوط العمل والمسؤوليات ومشاكل الحياة اليومية، التي تجعل الطرفين يعودان إلى المنزل وقد نفدت طاقتهما على الحديث.
كيف نحل المشكلة؟
نخلق وقتاً للكلام لا أن ننتظره، بأن نحدد في كل أسبوع وقتاً نجلس فيه معاً ونتحدث من دون هواتف أو مقاطعات ولو لساعة واحدة، نتحدث من دون هجوم، فلو كان كلما فتح أحدهما قلبه تعرّض لهجوم من الآخر فمن الطبيعي أن يسكت، لذا لا بد من خلق بيئة آمنة للحوار، نتعلم أن نستمع لا أن نتكلم فقط، فالاستماع فن، وعندما يصغي أحد الطرفين للآخر بتركيز واحترام، يتشجع الطرف الآخر على البوح، نواجه المشكلة لا بعضنا البعض، فإن كان ثمة خلاف فلنتحدث عن المشكلة لا أن نُلقي اللوم على بعضنا، فذلك يرسّخ الحوار بدلاً من أن يهدمه، نطلب المساعدة عند الحاجة، فليس عيباً أن نلجأ إلى مستشار علاقات زوجية أو شخص حكيم نثق به عندما نشعر بأن الحوار قد مات بالفعل.
الخاتمة
إن العلاقة الزوجية ليست مكاناً للصمت، بل هي مساحة للبوح والمكاشفة والمشاركة، والبيت الذي يخلو من الكلام هو بيت يمشي على أطرافه في انتظار السقوط. كلمة “أحبك” لا يجب أن تُقال مرة في العام بل ينبغي أن تُعاش كل يوم بكلمة طيبة وبحوار صادق وبنظرة حنونة. الصمت ليس دائماً حكمة، ففي أحيان كثيرة يكون جريمة ضد الحب. افتحوا قلوبكم، لأن ما يُقال يمكن أن يُفهم، أما ما يُكتم في الداخل فإنه يقتل، فلا تنتظروا حتى تموتوا من الداخل.

مقالات بين الزوجيية اخبار اخبار مصر

مواقيت الصلاة

السبت 06:08 مـ
23 محرّم 1447 هـ 19 يوليو 2025 م
مصر
الفجر 03:24
الشروق 05:06
الظهر 12:01
العصر 15:38
المغرب 18:56
العشاء 20:26