صداع الشاشات.. هل الضوء الأزرق هو المتهم الحقيقي أم مجرد شماعة؟


لم يعد الصداع صداعًا عاديًا في عصر الهواتف الذكية والحواسيب المحمولة، بل أصبح ضيفًا دائمًا يلازم الكثير من الناس مع تزايد ساعات العمل أمام الشاشات أو حتى استخدامها للترفيه والدراسة. ومع كل هذه الشكاوى من الصداع المزمن، جفاف العين وتشوش الرؤية، يطرح سؤال نفسه: هل الضوء الأزرق هو السبب الفعلي وراء هذه الأعراض، أم أن هناك عوامل أخرى أكثر خطورة؟
لماذا يسبب الإفراط في الشاشات الصداع؟
عندما تجلس أمام الكمبيوتر أو الهاتف المحمول لساعات متواصلة، تقل عدد مرات الرمش بشكل ملحوظ. هذا التراجع في معدل الرمش يؤدي إلى جفاف العين، ومع الوقت يظهر ما يسمى بـ "إجهاد العين الرقمي". هذا الإجهاد البصري لا يقف عند حدود العين فقط، بل ينعكس مباشرة على الرأس، فيشعر الشخص بصداع متكرر قد يتحول أحيانًا إلى صداع مزمن.
وفي دراسة حديثة نُشرت عام 2024 بمجلة BMJ Neurology Open، وُجد أن الاستخدام المفرط للشاشات على مدار العام مرتبط بشكل وثيق بزيادة فرص الإصابة بالصداع المزمن، خاصة عند الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم أو التوتر النفسي، أو لديهم تاريخ عائلي مع الصداع النصفي.
الضوء الأزرق.. متهم بريء جزئيًا
صحيح أن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات الرقمية يؤثر على العينين، إذ يسبب اضطرابًا في النوم ويزيد من إجهاد العين، لكنه ليس المجرم الوحيد في القصة. فالوضعية الخاطئة للجسم أثناء الجلوس، وزيادة سطوع الشاشة، والجلوس لفترات طويلة دون راحة، كلها عوامل تلعب دورًا مباشرًا في زيادة احتمالية الصداع.
اقرأ أيضاً
مشروبات سحرية لتنظيف الكبد.. 7 وصفات طبيعية تعيد لك النشاط والحيوية
التهابات المسالك البولية.. كيف تفرق بين الأعراض عند الكبار والأطفال وتتعامل معها قبل ما تتفاقم؟
الذكاء الاصطناعي.. كيف سيعيد تشكيل حياتنا في 10 مجالات ثورية؟
وصفة الريحان والعسل والفلفل الأسود.. علاج طبيعي يعزز المناعة ويخفف نزلات البرد
احذر قبل ما تاكلها نيّة.. أضرار النودلز سريعة التحضير قد توصل للانسداد المعوي وتلف الكبد
زيت التين الشوكي.. سر طبيعي لبشرة ناعمة ومشرقة بعيدًا عن مستحضرات التجميل
لقاء سويدان: معدتى تعبانة من الشاورما وأنتظر نتيجة تحليل العينة بوزارة الصحة
فيتامين د.. سر الشباب الدائم وصحة أقوى مع التقدم في العمر
رضوى الخليفة.. سيدة من الفيوم تكتب قصة نجاح عالمية في تصدير النباتات الطبية والعطرية
ممرض شاب يستغيث: أصبت بفيروس الإيدز من إبرة ملوثة بالمستشفى.. فتم طردي بدل دعمي
صدمة لعشاق الموضة.. الاتحاد الأوروبي يحظر طلاء الأظافر الجل بسبب مخاطره الصحية
قبل ما تاكل موزة.. اعرف سر «القشرة» اللي ممكن تضر صحتك!
الأطباء يؤكدون أن المشكلة أشبه بـ"كوكتيل" من الأسباب، حيث يجتمع الضوء الأزرق مع العادات الخاطئة ليؤدي في النهاية إلى أعراض مرهقة، تبدأ بجفاف العين وتنتهي بصداع لا يرحم.
نظارات حجب الضوء الأزرق.. حل سحري أم خدعة تسويقية؟
انتشرت مؤخرًا نظارات يطلق عليها اسم نظارات حجب الضوء الأزرق، وروجت لها بعض الشركات كأنها الحل النهائي للتخلص من الصداع الناتج عن الشاشات. وبالفعل، يرى الخبراء أنها قد تساعد في تخفيف جزء من الضغط البصري، لكنها ليست العلاج الكامل للمشكلة.
بمعنى آخر: النظارات مجرد وسيلة مساعدة، لكن الحل الحقيقي يكمن في تغيير أسلوب استخدامنا للأجهزة الرقمية.
متى يصبح وقت الشاشة "مفرطًا"؟
قد يظن البعض أن ثلاث أو أربع ساعات أمام الهاتف أو الكمبيوتر أمر طبيعي، لكن الحقيقة أن قضاء أكثر من ٣ ساعات متواصلة أمام الشاشات يعتبر وقتًا مفرطًا، يزيد بشكل مباشر من احتمالية الصداع وإجهاد العين.
وللوقاية من هذه الأعراض، ينصح الأطباء بتطبيق بعض القواعد البسيطة:
- قاعدة 10-10: خذ راحة لمدة 10 ثوانٍ كل 10 دقائق من استخدام الشاشة.
- استخدم إضاءة مناسبة في الغرفة أثناء العمل، وتجنب الجلوس في الظلام التام.
- ذكر نفسك بالرمش بشكل متكرر للحفاظ على رطوبة العين.
- اضبط سطوع الشاشة بحيث يكون مناسبًا لإضاءة الغرفة.
لا تنسَ زيارة طبيب العيون وإجراء فحص دوري، خاصة إذا كنت تعاني من صداع متكرر.
كيف تحمي نفسك من صداع الشاشات؟
الحماية تبدأ من إدراك أن الضوء الأزرق ليس العدو الوحيد، بل هو مجرد جزء من المشكلة. وللتقليل من هذه الأعراض، عليك اتباع عادات صحية مثل:
- تنظيم وقت الشاشة وتقليص الساعات المهدرة في التصفح العشوائي.
- اعتماد نظارات حجب الضوء الأزرق عند الحاجة، خاصة في ساعات العمل الطويلة.
- الجلوس بوضعية صحيحة مع إبقاء الشاشة في مستوى النظر.
- أخذ قسط كافٍ من النوم، لأن قلة النوم تضاعف من تأثير الصداع.
الصداع في عصر التكنولوجيا لم يعد مجرد عرض عابر، بل أصبح مشكلة يومية تؤثر على الإنتاجية والحياة الشخصية. ورغم أن الضوء الأزرق يُعد جزءًا من المشكلة، فإن المتهم الأكبر هو أسلوب حياتنا الرقمي المرهق.
إذن، الحل ليس في التخلص من الهواتف والحواسيب، فهذا غير ممكن، بل في تعلم كيفية استخدامها بطريقة صحية. تذكر أن عينيك رأس مالك، وحمايتهما تبدأ بخطوات صغيرة: راحة منتظمة، وضعية جلوس صحيحة، إضاءة مناسبة، وفحص دوري لدى الطبيب.