كهرباء من الثلج.. اكتشاف علمي يفتح بابًا جديدًا لعصر الطاقة النظيفة


هل تخيلت يومًا أن مكعب الثلج الصغير داخل كوب العصير قد يصبح في المستقبل بطارية طبيعية لتوليد الكهرباء؟ الأمر لم يعد خيالًا علميًا، بل أصبح واقعًا يقترب بخطوات جادة بفضل اكتشاف مثير كشفه فريق من العلماء الإسبان والدوليين، يغير نظرتنا تمامًا لأحد أبسط عناصر الطبيعة: الجليد.
من الجمود إلى الحيوية
لطالما اعتبر العلماء أن الثلج مجرد مادة صلبة خاملة لا تقدم جديدًا سوى التبريد وحفظ الأطعمة. لكن دراسة حديثة نشرها المعهد الكتالوني لعلوم النانو (ICN2) بالتعاون مع جامعة "شيان جياوتونج" الصينية وجامعة "ستوني بروك" الأمريكية، أثبتت أن الجليد يخفي بداخله أسرارًا كهربائية مدهشة يمكن أن تفتح آفاقًا واسعة في عالم الطاقة المتجددة.
العلماء أطلقوا على الظاهرة اسم "الكهرباء المرنة"، أي أن الجليد قادر على توليد شحنة كهربائية عندما يتعرض للثني أو الضغط. وهو نفس المبدأ الذي نراه في بعض البلورات أو المواد الخاصة، لكن المفاجأة أن مكعب الجليد العادي يمتلك هذه القدرة أيضًا!
تجربة بسيطة.. نتائج مذهلة
التجربة التي أجراها الباحثون كانت في غاية البساطة، لكنها قادت إلى اكتشاف ضخم. فقد وضعوا لوحًا من الجليد بين صفيحتين معدنيتين، ثم قاموا بثنيه قليلًا. النتيجة؟ تولدت شحنة كهربائية ملحوظة في جميع درجات الحرارة التي اختبروها.
اقرأ أيضاً
شنغهاي ترسم ملامح نظام عالمي جديد.. الصين تتحدى الهيمنة الغربية وتبني تحالفات الجنوب
الذكاء الاصطناعي.. كيف سيعيد تشكيل حياتنا في 10 مجالات ثورية؟
بعد التحذير الأخير.. خطوات بسيطة تحميك من اختراق حسابك على جوجل
بدلًا من iOS 19.. آبل تعلن عن نظام iOS 26 بتغييرات غير مسبوقة
مايكروسوفت تفاجئ مستخدمي وورد: الحفظ التلقائي أصبح سحابياً بشكل افتراضي!
حرب الزيارات الرقمية.. Daily Mail تهاجم جوجل بسبب ذكاءها الاصطناعي
الإنترنت الثابت في مصر.. من الأكثر رضا ومن الأقل في نظر العملاء؟
وزير التعليم: 105 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية وخطة شاملة لتطوير التعليم الفني وفق المعايير الدولية
الصين تكشف عن أول روبوت قادر على الحمل البشري.. جدل واسع بين الابتكار والأخلاقيات
10 أشياء توقف عن فعلها على موبايلك لتحسين البطارية
خد بالك من ”الخرف الرقمي” بسبب استخدام الشاشات
شات جى بى تى» فى حياة المصريين ثورة فى الاستخدام!
لكن المفاجأة الكبرى ظهرت عند خفض درجات الحرارة أكثر، حيث لاحظ الفريق العلمي تكوّن طبقة كهربية انحرافية (Ferroelectric) على سطح الجليد. هذه الطبقة تشبه سلوك المغناطيس: يمكن قلب شحنتها أو تغيير اتجاهها عند تطبيق مجال كهربائي خارجي. بمعنى آخر، سطح الثلج يمكن أن يكتسب استقطابًا كهربائيًا طبيعيًا يمكن التحكم فيه بسهولة.
من المختبر إلى المستقبل
قد يبدو الحديث عن توليد الكهرباء من الجليد ضربًا من الخيال، لكن العلماء يؤكدون أن هذا الاكتشاف ليس مجرد تجربة عابرة. فهو يفتح الباب أمام تطوير تقنيات جديدة تعتمد على مواد طبيعية ورخيصة ومتوافرة بكثرة حول العالم.
تخيل مثلًا أن ثلاجات المستقبل لا تستهلك الكهرباء فقط بل تولد جزءًا منها من مكعبات الثلج بداخلها! أو أن محطات التبريد في المناطق الباردة يمكنها إنتاج طاقة نظيفة إضافية من الجليد المتراكم.
الجليد.. مادة خارقة بوجه جديد
الدكتور "شين وين"، عالم الفيزياء النانوية في المعهد الكتالوني، أوضح أن هذه الدراسة غيرت تمامًا الصورة التقليدية عن الجليد. وقال: "اعتدنا أن ننظر إلى الجليد كمادة خاملة، لكنه في الحقيقة مادة فعالة قد تساهم بشكل مباشر في التطبيقات العلمية والتكنولوجية القادمة".
فإذا كان الجليد قادرًا على التحول إلى مصدر للطاقة، فهذا يعني أننا قد نكون أمام مادة خارقة جديدة تنضم إلى قائمة الابتكارات التي تعيد تشكيل حياتنا اليومية.
انعكاسات على عالم الطاقة
في زمن يسعى فيه العالم للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة الملوثة، يأتي هذا الاكتشاف ليعزز آمال الباحثين في العثور على بدائل طبيعية نظيفة. ورغم أن الطريق ما زال طويلًا لتحويل الفكرة إلى مشروع تجاري ضخم، إلا أن مجرد إثبات قدرة الجليد على إنتاج الكهرباء يمثل خطوة عملاقة نحو المستقبل.
العلماء يرون أن "الكهرباء المرنة" يمكن أن تلعب دورًا في مجالات متعددة، مثل:
- تخزين الطاقة بطرق مبتكرة وصديقة للبيئة.
- تطوير أجهزة استشعار كهربائية تعتمد على الجليد.
- تصميم مواد جديدة للطاقة تعتمد على مبدأ مشابه.
ابتكار يغير قواعد اللعبة
العالم يتغير بسرعة، وكل يوم يكشف العلم عن وجه جديد للطبيعة. واليوم جاء الدور على الجليد ليبرهن أنه ليس مجرد وسيلة لتبريد المشروبات في الصيف، بل ربما يصبح أحد جنود المستقبل في معركة الطاقة النظيفة.
فهل سنرى يومًا ما "محطة كهرباء من الجليد" على القطب الشمالي؟ ربما يبدو المشهد غريبًا الآن، لكنه لم يعد مستحيلًا بعد أن دخل الجليد رسميًا إلى عالم الابتكارات الطاقية.