الأحد 17 أغسطس 2025 06:09 صـ 22 صفر 1447هـ
أخبار مصر 2050
  • رئيس التحرير التنفيذي مها الوكيل
  • مستشار التحرير د. عبد الرحمن هاشم
المقالات

أشرف محمدين يكتب..العِشرة لا تُنقذ الزواج دائمًا: حين تصبح السنوات وحدها شاهدة علي الفتور

أخبار مصر 2050

في مجتمعنا العربي لطالما سمعنا العبارات الموروثة مثل: “العِشرة تهوِّن”، أو “السنين لا تُرمى وراء الظهر”، وكأن الزواج الطويل يكفي وحده ليُعطي العلاقة شرعية البقاء. غير أن الحقيقة التي يتغافل عنها كثيرون هي أن العِشرة - رغم قدسيتها - ليست في حد ذاتها صمّام أمان لاستمرارية الحياة الزوجية. فكم من زيجات امتدّت لعقود، لكنها كانت خاوية من الحب، الاحترام، التقدير، أو حتى الحوار.

الزواج ليس دفتر حضور تُحسب فيه الأيام والسنوات، بل هو علاقة متجددة، تحتاج إلى صيانة دورية للقلب والعقل والوجدان. فما فائدة أن يعيش الزوجان في منزل واحد لخمسة وعشرين عامًا، وهما يعيشان في غرفتين منفصلتين على مستوى المشاعر؟!

الخطر الخفي وراء التراكم الزمني
تكمن الإشكالية في أن البعض يتعامل مع مرور الزمن كرصيد في بنك الأمان، يعتقد أنه كلما زاد الرصيد الزمني، زادت الحصانة من الانفصال. لكن الحقيقة المرة هي أن التراكم الزمني قد يكون أشبه بالديون العاطفية المتراكمة، التي يُسددها أحد الطرفين من مشاعره، صبره، وتنازلاته، حتى يُستنزف تمامًا
وقد يكون الاستمرار بدافع “الأولاد”، أو “السمعة”، أو “الراحة في العادة” – وهي كلها أسباب وجيهة اجتماعيًا – لكنها في جوهرها قد تُحوّل العلاقة إلى نوع من السجن الناعم، حيث يتآكل فيها كل ما يجعل الزواج إنسانيًا لا ميكانيكيًا.

الألفة وحدها لا تكفي - بل قد تُضلّلنا أحيانًا
كثيرًا ما نخلط بين “الألفة” و”الرضا”، وبين “التعود” و”السعادة”، فنظن أننا في علاقة مستقرة فقط لأننا لم نعد نختلف كثيرًا… لكن في الحقيقة قد يكون سبب ذلك هو أننا لم نعد نتكلم أصلًا، أو أن أحد الطرفين كفَّ عن المطالبة بحقه في التواصل، أو حتى الاستماع.

الألفة التي لا تُبنى على تجدد في الحب، واحترام في الاختلاف، ومساندة حقيقية في الحياة، هي مجرد ستار سميك يُخفي وراءه خواءً مؤلمًا، يتجمل فقط باسم “عِشرة السنين”.

لماذا تنهار الزيجات رغم التاريخ المشترك؟
الجواب يكمن في الغفلة عن سؤال مهم: هل تطورت علاقتنا كما تطورت أعمارنا؟ هل نضج حبنا، أم اكتفينا بذكريات البدايات؟ هل ظل الاحترام متبادلاً، أم أصبح أحدنا يتحدث والآخر لا يستمع؟ هل لا زلنا نشتاق لبعضنا، أم أننا صرنا مجرد شريكين في مصلحة اجتماعية مشتركة؟

الحقيقة التي تصدم البعض أن بعض العلاقات تعيش أكثر مما يجب… تستمر فقط لأن أحد الطرفين لا يريد أن يبدو كأنه “فشل” بعد هذه المدة، أو لأن المجتمع لا يُسامح من يختار أن ينسحب بكرامة
النجاح لا يُقاس بالمدة، بل بالجوهر

الزواج الناجح ليس الأطول عمرًا، بل الأكثر دفئًا، تفاهمًا، صدقًا، وتجددًا. فهناك من يعيش عشر سنوات فقط مع شريك/ة حياته، لكنها تكون مشبعة بالحب والنمو والتطوّر المشترك، بينما يعيش آخرون ثلاثين عامًا في ظل روتين قاتل، لا حب فيه ولا ود.

السنوات لا تُربّي المشاعر، بل قد تُسكِّنها فقط… وحين نكتفي بذلك، نفقد روح الزواج الحقيقية: أن يكون حضنًا لا عادة، سندًا لا شكلًا، مساحة آمنة لا مجرّد التزام
ومن المسؤول؟ كلاهما -
في بعض الحالات، يعتقد أحد الطرفين أنه قام بكل ما يجب ويُحمّل الآخر كامل مسؤولية الفتور أو الخيانة أو الانفصال العاطفي. لكن الواقع يقول إن العلاقة كالعزف الثنائي، إذا قرر طرف أن يعزف وحده، لا يخرج اللحن أبدًا.

المشكلة لا تبدأ في يوم أو أسبوع، بل تتسلل ببطء من إهمال بسيط، من كلمة لم تُقال، من تجاهل احتياج عاطفي، من انشغال طويل لم تُعوّضه لحظة حقيقية. حتى تأتي اللحظة التي يقول فيها أحد الطرفين في نفسه: “أنا هنا، لكني لم أعد موجودًا
في الختام
دعونا نُراجع مفاهيمنا. نُقدّس العِشرة نعم، لكن لا نُعلّق عليها فشلنا العاطفي. لا بد من الاعتراف بأن الحب قد يتغيّر، والاحترام قد يبهت، وأننا نحتاج في كل مرحلة من الزواج إلى إعادة تعريف العلاقة، وتطويرها، وإصلاح ما تكسّر منها.

فالزواج ليس بطول المدة، بل بعمق التجربة.
والعِشرة ليست صكّ غفران، بل مسؤولية متجددة.
وأن تبقى - لا يعني أنك سعيد
وأن تُكمِل - لا يعني أنك ناجح.

اشرف محمدين مقالات اشرف محمدين مقالات

مواقيت الصلاة

الأحد 06:09 صـ
22 صفر 1447 هـ 17 أغسطس 2025 م
مصر
الفجر 03:50
الشروق 05:23
الظهر 11:59
العصر 15:35
المغرب 18:35
العشاء 19:58